تكاليف الاستشارات القانونية «فوق الموتة…» نقابة المحامين تدفع بمبرراتها.. والموكّلون يتذمرون.. ولرفع الدعم حضوره الثقيل
تشرين- بارعة جمعة:
على الرغم من التعميم الصادر عن نقابة المحامين بتاريخ 28 من شهر حزيران الفائت، الذي اعتمد تحديد الحد الأدنى للاستشارات القانونية، والذي بلغ 25 ألفاً للاستشارة الشفوية، و50 ألفاً لكل من الاستشارة الخطية وعقد الإيجار، لا تزال حتى اليوم رؤية الموكلين غير واضحة لمدى التزام المحامين بهذه التسعيرة، لتأتي مسألة رفع الدعم عن المحامين بمنزلة الحجة للبعض في استيفاء رسوم خيالية وبعيدة عن إمكانية الموكل.
تقدير الأتعاب
وفي العودة لتفاصيل العمل، ستجد أن الاستشارة لا تحكمها تسعيرة، إنما يحق للمحامي تقدير أتعابه بين 10 إلى 25% من العمل، وذلك حسب توصيف عضو مجلس نقابة المحامين فرع دمشق الأستاذة “فاديا عساف” لواقع العمل، شارحة الفرق بين المصاريف والأتعاب التي يتلقاها المحامي نفسه.
فما يقوم به المحامي من أعمال، في رأي عساف، هو لإظهار البينة بينما تعود المحاكمة للقاضي، فيما يبقى لأي تعهد مقدم من قبل المحامي وبشيء لا يترتب عليه قدرته المسؤولية الشخصية من قبله، وفي تعقيب من عساف حول تداخل عمل معقب المعاملات مع المحامي، أكدت لـ(تشرين) وجود دعاوى تتطلب شروطاً كالبيوع العقارية التي تتطلب معاملة جديدة تدور في فلك معقب المعاملات، وهنا لابدّ من دفع الرسوم له من قبل الموكل، نافيةً عدّ المعقب وسيطاً بل هو مكلف بأداء العمل من قبل جهة معينة فقط.
وفي حال حصول الخلاف بين أطراف العمل، والتي تستدعي الشكوى في كثير من الأحيان، فما يمكن للموكل فعله هو التوجه بتقديم شكوى رسمية باليد، تسجل في ديوان النقابة، إذ إنه من الممكن حدوث الخطأ لدى المحامي في رأي عساف، لتتم معاقبته مسلكياً بالاعتماد على الوثائق لا الكلام فقط.
غير مدروس
كما أنه من المجحف النظر للمحامي بصفته قائماً بعمل دائم وبدخل عالٍ، كالتي تم التعامل بها في مسألة استثناء المحامين من الدعم في رأي عساف، والذي شكل ضرراً بنسبة كبيرة، ومن غير الصحيح التعامل مع الجميع بقرار واحد، في وقت ليسوا قادرين على تأمين دعاوى مستمرة، أو تحقيق دخل ثابت وانعدام الاستقرار في مناخ العمل القانوني، ليغدو البعض منهم أمام الحاجة لتخفيض الأتعاب بقصد الاستمرار.
كما أن المحامي لا يزال ضمن قيود الالتزام بمهنته، ولا يحق له العمل بمهنة أخرى، والتي ستوقعه تحت عقوبة الزلة المسلكية، وهنا لابدّ من الوقوف والنظر في أحوال الكثير من المحامين، ممن تضرروا هم وأسرهم لكونهم محامين بلغوا الـ10 سنوات، مقابل عدم تحقيق أي فائدة مادية مناسبة.
فما يعيشه المحامون اليوم يندرج تحت مسمى المظلومية في رأي عساف، مطالبةً بالعودة والنظر مجدداً في أحوالهم، آملة تحديد فكرة رفع الدعم قياساً بالأطباء، ووضع تقدير للأتعاب بعد 10 سنوات ومن ثم تقديمها للمالية، مشددةً على مبدأ أخذ بدل الاستشارات للحد من المضايقات من جهة، ولمنحها القيمة من جهة أخرى.
رفع المستوى العلمي
وفي خضم البلبلة التي يعانيها قطاع المحاماة، وخروجه عن دائرة الرضا من قبل الموكلين والمحامين أنفسهم، يظهر الاهتمام واضحاً من قبل النقابة لرفع المستوى العلمي والقانوني للمنتسبين لها لممارسة المهنة، وذلك حسب تأكيدات نقيب المحامين الفراس فارس، حيث إنه ثمة مستويات لا تليق بالقضاء والعمل، والذي استدعى حسب تصريح فارس لـ«تشرين» إدخال تعديلات في أسلوب طرح الأسئلة التي تضمنت مؤخراً سؤال ثقافة عامة قانونية، وإيلاء الاهتمام للغة العربية والخط بمعدل 5 درجات من إجمالي الدرجة الكاملة.
وفي مواجهة الهجمة الكبيرة على التسجيل في النقابة، يتم العمل مع لجان الامتحان والفروع لوضع آلية للحد منها، حيث تم تخفيض عدد المقبولين من 5000 ناجح العام الماضي إلى قرابة 4000 ناجح هذا العام، والتي سيتبعها تأهيل وتدريب على الصياغة والكتابة والتحكيم والكمبيوتر ضمن مراكز تقدم خدمات عامة وخاصة.
وفي ردٍّ منه على العلاقة بين المعقب والمحامي رفض فارس وجود أي مقارنة بين الطرفين اللذين لابدّ من الاحتكاك بينهما لحاجة كل منهما الآخر، في حين يبقى المحامي بمنزلة المرجع القانوني للمجتمع، الذي يختلف عن غيره بالخبرة والجهد، ما يتيح له تقدير هذا التعب من دون تقييد من أي جهة.
منصات نقابية
وفي سبيل الخروج من دائرة تقاذف الاتهامات بين المحامين والموكلين بشأن أحقية الطرف الأول في فرض أجور تناسبه، عملت النقابة برئاسة النقيب الفراس فارس على إحداث منصتين للعمل بما يتناسب مع التطور التكنولوجي، عرفت الأولى بتقديم معونة واستشارة قانونية تحت اسم مستشارك القانوني، فيما اتبعت الأخرى آلية يحكمها العمل التطوعي في تقديم استشارات قانونية من قبل محامين متطوعين، لتسهيل وتخفيف النفقات وتحقيق الدقة.
يضاف إلى ذلك منصة لكل أعمال النقابة والتوطين والمراسلة والأعمال المصرفية، تتضمن جدولاً ثابتاً، ويتم التعديل ضمنها على أسماء المحامين بشكل أسبوعي، كما يمكن لأي قاضٍ فتح المنصة وتزويد المراجعين بكل معلومات المحامي بصفته شخصية عامة، وكغيرها من المحاولات الجديدة لا تزال تواجه هذه المرحلة عقبات تمثلت في الفروع بصورة خاصة.
تعويضات وتوضيحات
وللخروج من دائرة الشكاوى من ضعف الدخل وعدم ثباته لدى المحامين،اتخذت النقابة قراراً في الشهر السادس من العام الحالي برفع الراتب التقاعدي، ليصار إلى تنفيذه في الشهر التاسع، بنسبة زيادة بلغت 65%، حيث بلغ الحد الأدنى للراتب 150 ألف ليرة، والأعلى 225 ألفاً، والذي يعدّ- حسب تصريح نقيب المحامين- الأفضل بين أقرانهم من القطاعات الأخرى، فيما تبقى الآمال معلقة بالزيادة في تعويضات المتقاعدين والتي ستكون محور نقاش المؤتمر القادم للنقابة.
وفي سبيل تصحيح ما تم العمل به ضمن خطة رفع الدعم، تم تقديم طلبات الاعتراض والتي بلغت 2000 طلب، لشرح ظروف المحامين، في حين لم يأتِ الرد حتى اليوم.
ولأن عودة المغتربين مثلت أولوية لدى النقابة، سيتم تعميم إعلان لمن يرغب بالعودة وتصحيح اسمه، والتي ستتم وفق حلول عدة تقوم على الاحتفاظ باسمه من دون استفادته من صناديق النقابة والعمل على تغذيتها أيضاً.
وأمام كل ما تم الحديث عنه ضمن قطاع عمل المحاماة، ومن المساعي المقدمة لتخفيف أعباء المواطن، لاتزال فكرة العشوائية وعدم ثبات الأجور تلاحق المواطن في كل ميدان، لتبقى ثقافة الشكوى الأكثر شيوعاً وفي انتظار الوصول لنتائج مرضية.