منذ أعوام مضت والاهتمام بتطوير قطاع المشروعات الصغيرة والمتناهي منها، يشغل بال الجميع, سواء على الصعيد الرسمي أو المجتمع الأهلي، إلى جانب القطاع الخاص الذي أولى هذا الجانب حضوراً مميزاً في بعض الفترات الماضية, وضلّت طريقها اليوم، في ظل ظروف نحن في أمس الحاجة لهذا النوع من المشروعات.
وبالتالي الاهتمام بقطاع المشروعات الصغيرة والمتناهية في الصغر، وأحاديث طرح الحلول ووضع الإستراتيجيات، والبرامج الزمنية لترجمتها على أرض الواقع، ليس وليد أيامنا هذه، بل يمتد إلى عقود مضت وخاصة مع بداية الألفية الثانية، إلّا أن ذلك يسير ببطء شديد، والأدلة كثيرة شاهدات لا تحتاج كثيراً من العناء للبحث عنها، أو حتى التأكد منها, معظم الجهات العامة تعطيك الدليل, والمجتمع الأهلي والقطاع الخاص يعطيانك ألف دليل وإثبات, وهذه متخمة بالمشروعات والحلول وإستراتيجيات التطوير، لكن معظمها مع وقف التنفيذ لأسباب معظمها مجهول وأقلها معلوم.
وهنا لا نريد أن نتجاهل ما أنجز لهذا القليل من المعلوم حيث انطلقت إحدى إستراتيجيات الحل والتي تكمن بالحاضنات الصناعية التي طفت على السطح بسرعة، إلّا أن بريقها خفت وانطفأ اللمعان، رغم ما تم إصداره من قوانين وقرارات وتعاميم مشجعة لاحتضانها، وزيادة رقعة انتشارها، وتوسيع دائرة الاستفادة منها, وتوفير البيئة التي تسمح بنمو مشروعات تحمل هوية الانتشار الذي يؤمن طريق الوصول لتصبح من المشروعات الضخمة في قادمات الأيام.
لكن مع الأسف حتى هذا التاريخ مازالت ضعيفة، لا تعبّر عن المحتوى الحقيقي لها، أو ما تحمله من حاجة وفائدة، وخاصة في ظل ظروف صعبة يشهد فيها اقتصادنا الوطني تحولات جذرية بفعل الأحداث المتسارعة, وما خلفته سنوات الحرب والحصار الاقتصادي والعقوبات الظالمة, وتأثير ذلك على أسواقنا المحلية وشرايين تغذيتها بالمواد والسلع، كان الأجدى أن يمارس هنا دور المعالجة قطاع المشروعات الصغيرة بما يحمله من تنوع وقدرة على الانتاج المستمر.
وهذا الواقع وتراجع دور الحاضنات الصناعية في احتضان هذا الكم الهائل من المشاريع وغيرها، يثير الكثير من الأسئلة وخاصة حول تراجع حالات الاحتضان للمشروعات, وقدرة هذا القطاع على العطاء وسد الثغرات, والأهم أسباب الانكفاء وعدم ظهور الاهتمام بالشكل المطلوب، في الوقت الذي يحتاج فيه بلدنا لاستثمار كل ممكن لتأمين البدائل, وتأمين الحاجات وتحقيق الاستقرار الذي يخفف الأعباء على خزينة الدولة.
وما دعانا اليوم للحديث عن الحاضنات وتراجع دورها في تأهيل ودعم المشروعات “بالفكر والمال والخطط وأدوات التنفيذ وغيرها..” هو ما وصل إليه الحال في أسواقنا المحلية من نقص في الإمدادات والمواد وما حملته من زيادة في التكاليف والأسعار التي تفوق كل خيال، وتعجز عن حله الشركات الإنتاجية الكبرى “العامة والخاصة” ولو استثمرت الحاضنات الصناعية محتواها الأساسي باتجاه المشروعات لما وصلنا لهذا الحال, وبالتالي تراجع دورها يثير فضولاً واسعاً لدى الكثيرين من المواطنين في معرفة الأسباب وتراجع دورها, والسؤال الأكثر أهمية: هل تعود الحاضنات الصناعية وغيرها لممارسة دورها التنموي والمؤهل للمشروعات بما يخدم توجهاتنا التنموية؟
الجواب عند أهله..!
Issa.samy68@gmail.com
سامي عيسى
165 المشاركات
قد يعجبك ايضا