البوصلة.. الغاية والهدف

لعلّ أبرز القضايا الرئيسة التي تواجه الحكومة في عملها وتفكيرها، وحتى في رسم خططها التنموية وغيرها هي مسألة تحسين مستوى معيشة الأسرة، وزيادة مصادر الدخل التي تكفل على المدى القريب والبعيد تحسناً واضحاً, وترجمة أكثر وضوحاً, وفاعلية أكبر على أرض الواقع، كنا نلمس ذلك من خلال استقرار الأسعار، واتزان الأسواق، إلى جانب دخل يوازي ذلك، ولو في حدود معقولة, إلى أن جاءت الحرب الكونية الظالمة والعقوبات الاقتصادية “المفرطة في الظلم..!” فقلبت الطاولة “رأساً على عقب” وقلبت معها كل مفاهيم العمل التي توصلنا إلى العيش ببحبوحة, أو حتى “بالكفاف” واختلفت موازين الاهتمام الحكومي، واختلفت معها كل الاهتمامات بسبب ندرة المواد وقلتها وصعوبة تأمينها من السوقين المحلية والخارجية, ووقوع كل ذلك تحت تأثيرات ومفاعيل الحرب التي دمرت معظم المكونات الإنتاجية وسرقة الموارد والمحاصيل الزراعية وغيرها، التي كانت تبني عليها الدولة إستراتيجيات عملها التي تستهدف بمجملها استقرار الأسواق وتأمين حاجة الناس..
لكن رغم كل ذلك كان التوجه الحكومي بكل مؤسساته نحو كيفية تصويب البوصلة، نحو “الغاية والهدف” ألا وهو تحسين واقع الأسرة المعيشي وترجمة ذلك على كافة المستويات، وما توجه الحكومة نحو ترشيد الانفاق في كل لاتجاهات، إلّا خطوة لتدعيم ذلك وتوجيه البوصلة من جديد نحو”الغاية والهدف” وفي مقدمة ذلك ترشيد المستوردات وتشجيع التصنيع المحلي، وهذا يشكل أهم خطوات العمل الحكومي للمرحلة الحالية والقادمة، في ظل الظروف الحالية، التي تفرض حالة خوف كبيرة على الفعاليات التجارية والصناعية، وتردد أكبر يسيطر على رأس المال الخاص، وتأثير ذلك بصورة سلبية مباشرة تترجم على الأسواق من خلال توافر المنتجات المحلية، ووضع المستهلكين أمام خيارات محدودة نتيجة قلة البدائل المناسبة، ما يولد حالة من عدم الثقة بين المواطن وصناعته المحلية وفتح مجال أكبر للاعتماد على البضائع المهربة التي تغزو أسواقنا المحلية، أمام ضعف كبير في القوة الشرائية، الأمر الذي يفرض على العمل الحكومي توجيه البوصلة من جديد وفق مسارين “الأول” الاهتمام بالإنتاج المحلي وتوفيره بصورة مستدامة لأنه المؤسس لحالة الاستقرار، و”الثاني” توفير مقومات تحسين مستوى معيشة الأسرة, وبالتالي؛ الأول هو الأساس الذي يبنى عليه هذا التحسن، وتوفير البدائل التي تسمح وتلبي طموحات الأسرة، فهل تعيد الحكومة بوصلتها الإنتاجية لتحسين هذا الواقع وتؤمن مستلزمات التحسن ومعيشة أفضل في ظل ظروف صعبة هي الأشد قساوةً منذ عقود مضت!.
Issa.samy68@gmail.com

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار