ليست الرغبة!.. متطلبات سوق العمل أساس اختيار الطلبة لفروعهم في مفاضلة القبول

تشرين- دينا عبد:
ليست الرغبة الشخصية بل متطلبات سوق العمل باتت أساس اختيار كثير من الطلبة المتقدمين للتسجيل في الجامعات بعد أن أنهوا امتحان الثانوية العامة وكانت النتيجة تكدس أعداد الخريجين في بعض التخصصات، وفي المقابل افتقار تخصصات أخرى إلى إقبال الطلاب عليها؛ وتبقى قضية اختيار التخصص من الأمور المهمة في حياة الطالب الجامعي، ومن أهم محددات مستقبله، ولكن إلى أي مدى يوفق الطالب في هذا الاختيار؟ وما التخصصات التي لا تجد لديه قبولاً وتعاني نقصاً شديداً في عدد خريجيها؟ وما دور المحيطين به من أسرة وأصدقاء ومؤسسات تعليمية في اختيار التخصص المناسب لميوله ولاحتياجات سوق العمل في الوقت نفسه؟
هدى طعمة طالبة أنهت الثانوية العامة وترغب في دراسة العلاقات العامة تقول: في البداية رغبت في التخصص الذي يناسب ميولي وهو العلاقات العامة، مبينة: للأسف بات اختيارنا للتخصص حالياً وفق احتياجات سوق العمل وليس بناءً على ميولنا الشخصية، ونظراً لهذه النظرية الجديدة، بحثت بشكل أكثر واقعية عن تخصص يضمن لي فرص عمل أكبر بعد التخرج وهو العلاقات العامة فلا توجد شركة أو مؤسسة إلّا وهي بحاجة لهذا التخصص كما أنه في النهاية يلائم الفتيات من وجهة نظري.
أما هند محمد فبينت بأن هناك الكثير من التخصصات التي نتمنى الالتحاق بها وفقاً لميولنا الشخصية إلّا أننا لسنا مخيرين في هذا الأمر حيث نخضع لمتطلبات سوق العمل وأنا سأختار الفرع الذي يؤمن لي فرصة عمل ثابتة وهو معلم صف.
وتؤكد روان التي ترغب بدارسة الهندسة الكهربائية أن عدداً من الطالبات يرغبن في دراسة هذا التخصص، نظراً لزيادة الطلب على خريجيه في سوق العمل.
وفيما يتعلق بجهود الكلية في استقطاب الطلاب إليها تقول: يجب أن يتم تنظيم لقاءات عن طريق الجامعة مع طلاب المرحلة الثانوية بهدف تعريفهم بالتخصصات التي تطرحها الكلية ونظم الدراسة بها ومجالات العمل التي توفرها بعد التخرج.
د.عدي سلطان أستاذ جامعي وباحث في الاقتصاد بيّن أنه بلا أدنى شك فإن من أكثر الصعوبات والتحديات التي تواجه طلاب الثانوية الذين يتأهبون لدخول الجامعة؛ هو كيفية اختيار التخصص المناسب والجامعة الملائمة التي يمكنها تلبية رغباتهم المستقبلية.
فالظروف الاقتصادية بكوابيسها المزعجة تشكل اليوم العائق الأول أمام الطلاب، فهم يضطرون لأن يختاروا من التخصصات ما يتعارض مع مهاراتهم العقلية والإبداعية، والغاية كسب المال لسد الرمق، وهذا يقتل روح الابداع والابتكار لديهم، وخاصة إذا ترافق هذا العائق مع تدني مستوى الوعي لدى بعض العوائل، وزيادة الضغط على الطالب للتوجه نحو تلك التخصصات التي تدر المال أو تلك التي تحقق الأنا الاجتماعية.
المشكلة الأهم تكمن في غياب التنسيق بين الجامعات وسوق العمل، وتحول الجامعات إلى تصدير عدد هائل من الموارد البشرية التي لا تجد فرصتها على الأغلب.
ويتساءل د.سلطان: ما الغاية اليوم من قبول الآلاف من خريجي الثانوية العامة في كلية الإعلام، والنتيجة زيادة البطالة بسبب انعدام العمل تقريباً في هذا المجال؟
وكثير من الطلاب، وخاصة من خريجي كليات التربية ومعاهد إعداد المدرسين -هذا على سبيل المثال، لا الحصر- قد دخلوا هذه التخصصات رغبة في الحصول على وظيفة حكومية مضمونة بعد تخرجهم، حتى وإن كان دخلها ضعيفاً.
والنتيجة هي انخفاض الإنتاجية وروح الإبداع والمبادرة، وكل ذلك سينعكس سلباً على أداء المؤسسات.
هذا يفرض ضرورة التنسيق بين وزارة التعليم العالي والجامعات والمؤسسات في القطاعين العام والخاص، ورفع مستوى الوعي لدى الأهالي، ولا بدّ من أن يقوم الإعلام بدوره المطلوب في هذا الجانب.
ولو أن انتقاء الطلاب في الكليات والمعاهد، كان مستنداً إلى أسلوب قياس مهارات التفكير لدى الطلاب، بدلاً من أسلوب المفاضلة الحالي لكان الأمر مختلفاً تماماً.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار