نكافح الفساد بقدر ما ننتج

شوكت ابوفخر – مها سلطان:
في الاقتصاد، كما في السياسة، كما في الميدان.. الهزيمة والاستسلام والتراجع والتراخي كلمات لا مكان لها ما دمنا نعمل.. نواصل العمل.. متمسكين بالعمل.. وما دمنا نعمل فنحن ننتج.. الإنتاج هو التحدي. نصمد بقدر ما ننتج.. ننتصر على الحصار الغربي الجائر بقدر ما ننتج.. نكافح الفساد بقدر ما ننتج.. نستعيد القوة ونحقق النهوض ونعيد الإعمار بقدر ما ننتج.. أن ننتج يعني أننا نمتلك أدوات الإنتاج.. امتلاك أدوات الإنتاج هو أيضاً تحدٍ.. وأن ننتج رغم كل الأزمات والمعوقات الداخلية ورغم كل المخططات والمؤامرات الخارجية لضرب مسار الإنتاج فهذا أيضاً تحدٍ.. وفي زمن الحروب يصبح تحدي العمل وتحدي الإنتاج هو الأهم في تعزيز الجبهة الداخلية وتصليب صمودها بما يدعم الميدان ويردع العدوان..
• تحدي العمل والإنتاج
العمل والإنتاج هما المنظومة التي يركز عليها السيد الرئيس بشار الأسد في كل خطاب أو مقابلة أو لقاء، كما في مقابلته مع قناة «روسيا اليوم» يوم الخميس الماضي مُقدماً الواقع والوقائع بالوضوح ذاته وبالدقة ذاتها. يتحدث عن مواقع القوة ومواقع الضعف. عن الفشل في موضع والنجاح في موضع آخر. عن المسؤوليات والواجبات. عن الدولة وعن المواطن.. وعن الممكن والمتاح حالياً، أو بعد حين.
في السياسة، تحدث المراقبون عن التوقيت المهم لهذه المقابلة وعن الرسائل «الإيجابية» و«المختلفة» التي تضمنتها.. وعن القراءة «العقلانية والدقيقة» للأحداث العربية والعالمية.
وفي الاقتصاد أجمل المراقبون عدة نقاط أساسية لناحية تحدي العمل والإنتاج، ركز عليها الرئيس الأسد، بالمستويين الداخلي والخارجي:
رغم الحصار فإن الكثير من الحاجات والاحتياجات الأساسية لا تأتي من الدول الغربية، وعندما تريد أي دولة تأمين المتطلبات الأساسية للعيش والنمو فهي تستطيع أن تفعل ذلك بغض النظر عما إذا كان الأمريكي يسمح أم لا.. هذا لا يعني أن الحصار ليس مشكلة بل هو مشكلة وعقبة كبيرة ترفع تكاليف الإنتاج وتبطئ العملية الاقتصادية.
ليس الحصار وحده الذي يتحمل مسؤولية عرقلة الاقتصاد والإنتاج. هناك الكثير من المشكلات الداخلية، منها ما له علاقة بالحرب، ومنها ما له علاقة بالخطط الحكومية، ومنها ما له علاقة بالشركات وكيفية عملها.
• الفساد يوازي الحصار
لاتزال عملية مكافحة الفساد أولوية، إذ إن الفساد يكاد يوازي الحصار في نتائجه الكارثية على الاقتصاد وعملية الإنتاج ودوام الإنتاج. الفساد مرتبط بالحرب وهو أحد مفرزاتها الأخطر. هناك من يؤجل مكافحته لما بعد انتهاء الحرب، ولكن في مثل حالة الدولة السورية وما تتعرض له، شعباً ومؤسسات ومقدرات ومقومات اقتصادية، من إرهاب عسكري واقتصادي، فإنه لا يمكن إلا أن تكون مكافحة الفساد أولوية.
الحرب في الأساس تضعف مؤسسات الدولة، خصوصاً الاقتصادية منها، وعندما ينتشر الفساد فإنه يقضي على البقية الباقية من قدرتها على العطاء والإنتاج.. الفساد عقبة أساسية في طريق العمل والإنتاج.
مكافحة الفساد عملية مستمرة. قد لا تكون بمستوى الطموحات أو ما هو مأمول منها ولكن “لا يعني بأننا لا نستطيع أن نحقق طموحاتنا في مكافحة الفساد بسبب الظروف التي نعيشها”.
• الاصلاح الاداري
أهم عامل في مكافحة الفساد هو الإصلاح الإداري. النظام الإداري في سورية يحتاج الكثير من التطوير. والدولة “تقوم بهذه العملية كمنهجية، كتوجه سياسي اقتصادي إداري”
سورية قادرة على النهوض الاقتصادي. تمتلك وسائله وأدواته، ولو لم تكن كذلك لما استمرت الدولة في تقديم الخدمات (المدعومة) للمواطنين كالطبابة والتعليم والسلع والخدمات الأساسية. صحيح أنها تراجعت بعض الشيء لكنها موجودة وسياسات الدعم قائمة.
رغم ظروف الحرب واشتداد وطأة الحصار على السوريين، هناك منشآت واستثمارات جديدة أو يُؤسس لها. “هناك أشخاص يحبون وطنهم ويغامرون في ظل هذه الظروف التي لا تناسب الاستثمار.”
• الأمل بالعمل
“الأمل بالعمل” ليس شعاراً وليس حلاً بقدر ما هو «عنوان لحل». هناك إحباط لدى السوريين وهذا نتيجة الظروف المعيشية الصعبة السائدة. من هذا الإحباط جاء شعار «الأمل بالعمل». ليس بالضرورة أن نأخذ «الإحباط» بالمعنى الحرفي السلبي للكلمة. يمكن تحويل الإحباط إلى رافعة نحو «العمل» على قاعدة «الأمل». في سورية هناك الكثير من العوامل والمقومات التي تدعم الأمل فلا يكون قرين الانتظار فقط . انتظار الفرج. لدينا المقومات لنعمل وننتج. وإذا لم يكن لدينا كل المقومات، فلدينا بعضها مما يمكن العمل عليه والاستثمار فيه لتعزيز العملية الاقتصادية.
في ظل الحصار، الكهرباء عائق أساس في عملية الإنتاج. نعمل على إزالته.

المخططات العدوانية الخارجية مستمرة ضد كل خطوة تقوم بها الدولة السورية لتعزيز الإنتاج وعملية النمو. سورية تتعامل مع هذه المخططات ولديها القدرة على مواجهتها. – ليست هناك عملية إعادة إعمار بالمعنى الواسع. «هذه العملية ستكون بطيئة ومحفوفة بالمخاطر» بالنسبة للشركات والمستثمرين بفعل الضغوط الغربية التي يتعرض لها كل مستثمر وكل شركة تريد الاستثمار في سورية.
* إعادة الاعمار
هناك إعادة إعمار أخرى على مستوى ضيق باتجاهين: الأول تقوم به الدولة فيما يخص إعادة إعمار شرايين الحياة الاقتصادية الأساسية في بعض المدن الكبرى. والثاني يقوم به مستثمرون يعملون بأنفسهم على إعادة إعمار منشآتهم الاقتصادية.
المخططات العدوانية الخارجية مستمرة ضد كل خطوة تقوم بها الدولة السورية لتعزيز الإنتاج وعملية النمو. سورية تتعامل مع هذه المخططات ولديها القدرة على مواجهتها. – ليست هناك عملية إعادة إعمار بالمعنى الواسع. «هذه العملية ستكون بطيئة ومحفوفة بالمخاطر» بالنسبة للشركات والمستثمرين بفعل الضغوط الغربية التي يتعرض لها كل مستثمر وكل شركة تريد الاستثمار في سورية.
هناك إعادة إعمار أخرى على مستوى ضيق باتجاهين: الأول تقوم به الدولة فيما يخص إعادة إعمار شرايين الحياة الاقتصادية الأساسية في بعض المدن الكبرى. والثاني يقوم به مستثمرون يعملون بأنفسهم على إعادة إعمار منشآتهم الاقتصادية.

• رؤية شاملة
أن نسمي الأشياء بمسمياتها فهذا بالتأكيد أمر مهم جداً، لكن الأهم والأكثر جدوى هو الدقة في التسمية. وعندما نتحدث عن الاقتصاد وعن نهضة اقتصادية فإن هذه الدقة تتعلق – كما يؤكد الرئيس الأسد في كل مناسبة وفي كل خطاب ولقاء ومقابلة – تتعلق بوضوح الرؤية والهدف والمسار لتنجح عملية إدارة أدوات الانتاج والاستثمار في المقومات الاقتصادية والقدرة على تذليل العقبات الداخلية والخارجية. وهذه الدقة تصبح ضرورة قصوى عندما تتعرض الدولة لحرب إرهابية شرسة مستمرة منذ ما يزيد على عقد من الزمان كما هو حال سورية.

قد يكون من الصعب الإحاطة بما حفل به الحديث من أفكار في مقالة أو موضوع صحفي ، حيث جاء الحديث شاملاً ووافياً وفيه انطلق السيد الرئيس من رؤية شاملة على المستويات المحلية والعربية والدولية ، رؤية مبنيّة على علاقة عضويّة وموضوعيّة بين الرؤية والفعل ، تمثّل منهجَ رئيسٍ، وإستراتيجية قائد في وقت واحد ، ما يصعب معه الإحاطة في نص بالأفكار العديدة، والمتنوّعة ، والغنيّة التي تضمّنها الحديث الذي يحتاج معه المتلقي إلى أكثر من قراءة.
*الحصار جزء من المشكلة
وفيما يخص مكافحة الفساد والحصار وتأثير الحرب التي شنت على سورية على هذه العملية المستمرة والمتواصلة، كعادته في الإجابة عن مثل هذه الأسئلة، التي يعتقد بعض من يطرحها، أنها ستكون “محرجة” أو حساسة، فقد جاءت الإجابات بمنتهى الوضوح والشفافية، حيث ركز السيد الرئيس على هذا الموضوع وقال: “أنا دائماً أركز على هذه النقطة بشكل علني، أقول الحصار هو جزء من المشكلة، لأن الحصار يرفع التكاليف ويبطّئ العملية الاقتصادية ، صحيح، ولكن هناك أسباب عالمية أخرى، هناك أسباب لها علاقة بأزمة كورونا على سبيل المثال، الغرب الآن يريد أن يضع كلّ المشاكل كنتيجة لحرب أوكرانيا ، وتحديداً كنتيجة للسياسة الروسية، الحقيقة ليست كذلك ، جزء من المشاكل الداخلية له علاقة بالخطط الاقتصادية الداخلية أيضاً، ليس فقط بالوضع الخارجي، فإذاً يجب أن نميّز بين أسباب لها علاقة بالحرب، بين أسباب لها علاقة بالحصار، بين أسباب لها علاقة بالخطط الحكومية، و أسباب لها علاقة بالوضع الاقتصادي العام الذي قد تكون الشركات مسؤولة عنه، ربما عادات المواطنين بمجتمعات مختلفة تسهم أحياناً سلباً وإيجاباً في الوضع الاقتصادي”.
من يقرأ هذه الإجابة سيجد في كل فقرة مَعيناً له وجواباً عن سؤاله، جواباً يتخيّره حسب فهمه وحسب حاجته، حسب مهمته، ومؤسسته، ووسيلته.. يجد هذا الجواب في الحديث عن الحصار والعملية الاقتصادية وعلاقة الخطط الحكومية وحتى عاداتنا كمجتمع بهذا.
*الحرب تضعف مؤسسات الدولة

لا بل فإن السيد الرئيس يذهب أبعد من ذلك في معرض الإجابة يقول سيادته : “أغلب الدول في حالة الحرب تؤجل كثيراً من الأساسيات ومكافحة الفساد واحدة منها، الحقيقة في سورية كانت وجهة نظرنا مختلفة تماماً، لأننا في حالة الحرب نحن بحاجة لمكافحة الفساد بشكل أكبر، لسبب بسيط، لأنّ الحرب تضعف مؤسسات الدولة، وعندما تضعف مؤسسات الدولة ينتشر الفساد، هذا شيء طبيعي، هذه واحدة من بداية الحرب، وليست خاصة بسورية، فأنت بحاجة أكثر لمكافحة الفساد، فنحن ركّزنا أكثر على مكافحة الفساد ونسير فيه، ولكن طبعاً هناك عقبات، الحرب نفسها عقبة، ضعف مؤسسات الدولة بسبب الحرب عقبة أخرى، النظام الإداري الذي يحتاج للكثير من التطوير هو أهم عامل في مكافحة الفساد ، فنحن نقوم بهذه العملية كمنهجية.. نقوم بها كتوجه سياسي، اقتصادي، إداري، لا يهم أين نضعه..

في أي قطاع، ولكن لا يعني بأننا نستطيع أن نحقق طموحاتنا في مكافحة الفساد بسبب الظروف التي نعيشها.
لن نستطيع في هذه المقاربة تناول كلّ الأفكار التي أتى بها الرئيس الأسد في كلمته لضيق المساحة أولاً ولأنّ العديد منها يستحق مقاربات منفصلة لعمق الإشكاليات، لكننا يمكن القول إننا أمام معركة ليست سياسية فحسب بل اقتصادية مجتمعية وثقافية وحضارية وأمام قائد يشعرك بالاطمئنان حول المستقبل.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
خيال الظل "كركوز نيهاو صين".. عرضٌ ارتجاليٌّ تنقصه الجديّة 2.36 تريليون دولار القيمة السوقية للعملات المشفرة عالمياً.. توجه كبير لاعتمادها دولياً لكن ضمن محاذير محافظة دمشق تواصل حملة إزالة البسطات..أصحابها يسألون عن البديل..وآخرون يبحثون عن مصداقية "هيبة المؤسسة الرسمية" طال أكثر من خمسين دونماً.. حريق كبير مجدداً في غابات نبع الطيب وجهود كبيرة لإخماده وزير الموارد المائية يبحث مع رئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر االتعاون القائم بين الجانبين، والآفاق المستقبلية لتطويره المكتب السياسي والإعلامي برئاسة الجمهورية: المستشارة لونا الشبل تتعرض لحادث سير وتدخل العناية المشددة الإدارة الضريبية تذكّر المكلفين بتواريخ تقديم بياناتهم خلال الشهر الجاري وزير التربية يفتتح مشروع المدارس الخضراء.. المارديني لـ«تشرين»: المشتل المدرسي يجب أن يكون موجوداً في ثقافة كل تلميذ سورية تدين توسيع الاحتلال الاستيطان في الضفة الغربية وتطالب الأمم المتحدة بتحمل مسؤولياتها ليس هناك أي طرح لرفع الدعم .. مجلس الوزراء يناقش ملف إعادة هيكلة الدعم وإيصاله إلى مستحقيه