روسيا والحرب العالمية الثالثة والثور الأبيض ؟!.

أ.د: حيان أحمد سلمان
تعدّ الحرب الاقتصادية في كثير من الأحيان أشد خطراً وتدميراً من الحرب العسكرية ، وخاصة مع محاولات أمريكا للسيطرة على الاقتصاد العالمي وتسخير العالم لمصلحة اقتصادها بحيث تكون هي المركز والعالم أطراف بين تابع وعميل وأداة !.
وهذا سبب توجه أمريكا لقيادة العالم إلى حرب عالمية جديدة تتجاوز حدودها الحرب الروسية الأوكرانية الأطلسية ، هذه الرؤية ليست إيديولوجية رغم أهمية الأيديولوجية ولكنها في الأساس اقتصادية مع الإشارة إلى أن أشد وأقسى أنواع القهر هو ( القهر الاقتصادي السلعي ) ، فالتوجيهات الأمريكية بالتوسع شرقاً والإحاطة بروسيا ومن ثم الصين وبعدها إيران وسورية وفنزويلا وغيرها. تؤكد الوقائع على أن حلف الناتو NATO وحلف وارسو المناقض تأسسا بعد الحرب العالمية الثانية وبعد انهيار حلف وارسو تعهدت الإدارة الأمريكية للقيادة الروسية سنة /1997/ بعدم التوسع شرقاً، لكن تم خرق الاتفاق وزاد عدد دول الناتو من/12/ دولة أساسية مؤسسة ليصبح سنة /2022/ يضم /30/ دولة أغلبها تحيط بروسيا وتحاصرها ، وهذا يبرر القلق الروسي من زيادة التوسع بانضمام ( فنلندا والسويد ) وقد هددت روسيا بأن هذا قد يؤدي إلى تغير العالم بأكمله؟!، ففي سنة /2021/ بلغ عدد سكان الناتو حوالي /7/ أضعاف عدد سكان روسيا ، وقيمة الناتج الإجمالي للحلف يعادل / 27/ ضعف الناتج المحلي الإجمالي الروسي، وقيمة الإنفاق العسكري للحلف يزيد حوالي /25/ ضعفاً على إنفاق روسيا العسكري ، وعدد أفراد جيش الناتو حوالي /4/ مرات عدد القوات العسكرية الروسية، وفي حال انضمام (فنلندا والسويد) ستزداد المخاطر على روسيا وتكون روسيا أمام سؤال نكون أو لا نكون ؟
وخاصة أن فنلندا تملك حدوداً مع روسيا بحدود /1300/ كيلو متر ، والسؤال ماهو المبرر العسكري لانضمام دول جديدة إلى الناتو بعد انهيار الحلف المناقض له حلف وارسو ، ولماذا توجهت هاتان الدولتان للانضمام رسمياً إلى هذا الحلف العسكري وهو أكبر حلف عسكري في العالم وهما ترتبطان بعلاقات قوية مع الحلف بدليل مشاركتهما في احتلال العراق وأفغانستان وليبيا وغيرها، والدولتان عضوان في الاتحاد الأوروبي منذ سنة /1993/ من دون أي معارضة روسية ؟! وحسب تقديرات البنك الدولي أنهما من أغنى دول العالم ، وكانتا سابقاً تعتمدان ( الحياد الإيجابي وعدم الانحياز العسكري ) والذي استمر لأكثر من /200/ سنة حققتا بفضل ذلك تطوراً وتنمية اقتصادية كبيرة وفي حال انضمامهما ستقومان بتسديد /2%/ من قيمة ناتجهما الإجمالي لموازنة حلف الناتو ؟!
ومن جهة أخرى انضمام هاتين الدولتين يحمل مخاطر اقتصادية قاتلة تتجسد فيما يلي: إن دول القطب الشمالي وهي منطقة غير مأهولة تمتلك حوالي /160/ مليار برميل من النفط وحوالي /30%/ من احتياطي الغاز العالمي وتشرف عليه ثماني /8/ دول وهي [كندا والدنمارك وأيسلندا والنرويج والولايات المتحدة وفنلندا والسويد وروسيا ] وهذا يعني أنه بمجرد انضمام فنلندا والسويد إلى الناتو فهذا يعني أن سبع دول من ثماني / 8/ دول هي أعضاء في الناتو ما سيؤدي إلى إلحاق أكبر الأضرار في الاقتصاد الروسي ، وهنا نسأل بل نتساءل من الوجهة الجيوسياسية ما مبرر ذلك وهل تسعى أمريكا لاحتواء ( الاتحاد الأوروبي ) ودمجه وإلحاقه بها لأنها ليست عضواً فيه وإن كان تابعاً لها ، وخاصة أن كل دول الاتحاد الأوروبي أعضاء في الناتو باستثناء /4/ دول من أصل /27/ دولة من دول الاتحاد الأوروبي خارج الناتو وهي ( النمسا وقبرص وايرلندا ومالطا ) فهل ستسعى أمريكا لضمها خلال الفترة القريبة القادمة لتحول العالم إلى مزرعة لها ؟!
خلال كتابة هذه المقالة تؤكد الأخبار أن كل دول الناتو وافقت على انضمام السويد وفنلندا إلى الناتو باستثناء ( تركيا ) لأسباب تركيّة محضة ومنها تواجد قوى تركية معارضة في الدولتين وخاصة من حزب العمال الكردستاني وأيضاً من مؤيدين لجماعة ( فتح الله غولن ) المعارضة لسياسة ( أردوغان ) ورفض الدولتين تسليمهما للحكومة التركية ، فهل تعرقل معارضة تركيا الانضمام ؟ أم يتم احتواء تركيا ؟، لأنه حسب وثيقة حلف الناتو التأسيسية يتطلب انضمام أي دولة للحلف توافر الإجماع بالموافقة أي عدم اعتراض أي دولة من دوله وأن تكون نسبة القبول /100%/ ، وانضمام هاتين الدولتين للناتو يعني الإحاطة بروسيا من كل الجهات وعندها ستزداد المشاكل الأمنية الروسية كما حصل سنة /2008/ من قبل ( جورجيا ومولدافيا وأوكرانيا ) بالدعوة للحركات الانفصالية لتقسيم الاتحاد الروسي ولا سيما مع تواجد القواعد الأمريكية على الحدود الروسية الفنلندية لتضاف إلى القواعد في ( ألمانيا وبولونيا ) وتتحول منطقة ( الباسفيك على بحر البلطيق إلى خاصرة روسية ضعيفة وخاصة من ناحية القوة البحرية وخاصة أن فنلندا تمتلك حدوداً مشتركة مع روسيا تزيد عن كل الحدود الروسية مع الدول الأوروبية،

وقد تكون بداية لحرب عالمية ثالثة أم تصبح حرباً اقتصادية بسبب توازن الرعب ؟!
ونسأل هل يتكون حلف آخر معادٍ للناتو من الصين وإيران وكوريا وسورية وفنزويلا وغيرها ، أم سينفرد الناتو بروسيا ويتمدد لإنهاء كل الدول المتمردة على السياسة الأمريكية أم ينتهي الناتو ، وعندها يمكن أن نقول كما يقول المثل العربي ( أكلت يوم أكل الثور الأبيض) وقصة الثيران الثلاثة معروفة ؟!.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
تفقد أول مشروع تشاركي بين القطاعين العام والخاص في محطة دير علي الكهربائية.. المهندس عرنوس: التشاركية نهج إستراتيجي معتمد في سورية أسئلة القومية متنوعة والإجابة عن بعضها يتطلّب مهارات التحليل والاستنتاج والدقة إدارة أملاك الدولة على طاولة النقاش المشترك.. تعزيز الاستثمار الأمثل المدعوم بالتنظيم القانوني والحماية جرائم بالجملة ضد الإنسانية والعدالة.. أميركا تُسعّر ومحاولات صينية لإخماد نار المنطقة ومفاجآت الشمال تُسقط مزاعم «التفوق» العسكري للكيان التنبؤ بالسرطان قبل 7 سنوات من ظهوره العقبة البارانويانية.. حين يصبح الكوجيتو في خدمة المُلاوغة المقداد في الاجتماع الوزاري العربي– الصيني: الشراكة العربية- الصينية نابعة من واقع متماثل ولابد من فتح آفاق جديدة لرفع مستوى التعاون ٩٠٠٠ طن شعير استلمتها «الأعلاف».. شباط: طلبنا تخصيصنا بصوامع للتغلب على مشكلة أكياس الخيش النعناع نبات فريد من نوعه.. اعرف فوائده وأضراره مع الاهتمام الكبير بالشهادات في بلدنا.. هل يكفي التحصيل العلمي لتأمين فرصة عمل مناسبة؟