جرائم بالجملة ضد الإنسانية والعدالة.. أميركا تُسعّر ومحاولات صينية لإخماد نار المنطقة ومفاجآت الشمال تُسقط مزاعم «التفوق» العسكري للكيان
تشرين- هبا علي أحمد:
يَعمد كيان الاحتلال الإسرائيلي ومعه الولايات المتحدة الأميركية إلى تعطيل كل المسارات التي تُفضي إلى وضع حدٍّ للعدوان الصهيوني على غزة، وعند كل دعوة ونداء للحل ووقف جرائمه الهمجية بحق قطاع غزة المحاصر، يُصعّد في إجرامه داخلياً، بتكثيف استهداف المدنيين ولنا في رفح مثالاً، إذ تتوسّع العملية الإسرائيلية في المدينة رغم كل التحذيرات الدولية.. وخارجياً باستهداف المؤسسات الدولية لمجرد أنها ندّدت بالعدوان على غزّة، في المقابل تفعّل مسارات موازية تعمل على إيجاد صيغٍ توافقية، منها ما يصب في خدمة العدوان وإنقاذه مثل الحراك الأوروبي- الأميركي من حيث تسوية الأوضاع مع دول إقليمية خشية من انفجار الأمور، تماماً كما حصل بعد حادثة الحدود بين فلسطين المحتلة ومصر واستشهاد جنديين مصريين بنيران قوات الاحتلال الإسرائيلي، ومنها أي – المسارات- ما يدعو إلى السلام، قولاً وفعلاً، ويعمل على تحقيقه كالصين وروسيا وغيرهما.. على أنّ الميدان المقاوم بجبهاته المتّسعة ومعادلاته المتراكمة محط أنظار العدو ولاسيما جبهة الشمال ومسيّراتها الانقضاضية.
حزب الله يخطط لخطوات مفاجئة على مستوى السلاح المستخدم والأهداف.. واعتراض مسيّراته بات مستحيلاً
المسيّرات الانقضاضية والتساؤلات
تنشغل وسائل إعلام العدو بمسيّرات المقاومة اللبنانية –حزب الله- النوعية والمتقدمة والتي تمكنت المقاومة من خلالها من تحقيق عنصر المفاجأة في ظل النجاح بإسقاط مسيّرات الاحتلال، الأمر الذي فتح الباب واسعاً أمام تساؤلات عما يُمكن أن تكون عليه الحال عند اندلاع معركة كبرى بين الطرفين؟.. إذ قالت وسائل إعلام العدو: طوال الحرب نجح حزب الله في مفاجأة «إسرائيل» والكشف عن استخدام سلاح متقدم، مضيفة: حزب الله يخطط لخطوات مفاجئة على مستويين: الأول استخدام سلاح لم يُستخدم من قبل في هذه المعركة بما في ذلك صواريخ دقيقة بعيدة المدى، والمستوى الثاني يتمثل في إطلاق حزب الله صواريخ «أرض – جو» باتجاه طائرات سلاح الجو.
وكشفت صحيفة «هآرتس» نقلاً عن مصدر عسكري إسرائيلي رسمي أنّه وبشكل يومي يقوم حزب الله بإطلاق المُسيّرات من جنوب لبنان إلى «إسرائيل» في الشمال، بما في ذلك مسيّرات استطلاعيّة ومخابراتيّة، ومسيّرات انتحاريّة، وأخرى هجوميّة، إضافة إلى ذلك، أوضح المصدر أن حزب الله يستخدم الصواريخ الدقيقة ضد الدبابات والمقذوفات الأخرى، التي تنجح كلها في اجتياز منظومات الدفاع الإسرائيلية وإصابة الأهداف بدقّة، مشيرة إلى الأهداف الإسرائيلية التي طالتها مسيّرات المقاومة اللبنانية وحقّقت أهدافها بدقّة – ولاسيما بالون (طال شماييم) الذي يُعد إسرائيلياً بمنزلة منشأة استراتيجية – هذا الأمر يؤكّد أنّ الاستجابة العملياتية الحالية من الجيش الإسرائيلي، التي تشمل استخدام أنظمة الدفاع الجوي التقليدية، والحرب الإلكترونية واعتراض الطائرات المقاتلة، غير كافية مطلقاً.
الصين تدعو إلى وقف العدوان الإسرائيلي على غزة وإلى مؤتمر سلام دولي واسع النطاق
ووفقاً لتقرير الصحيفة فإنّ اعتراض المسيّرات اللبنانيّة بات مستحيلاً، لأنّها تطير على ارتفاع منخفض جداً، وتتمكّن بذلك من اجتياز منظومة الرادارات، وعندما تكتشفها الرادارات تكون المسيّرات قد ضربت الهدف المُحدّد مسبقاً ودمرته.
وأمام العجز الإسرائيلي عن التصدي لمسيّرات حزب الله، لفتت «هآرتس» إلى أنّ الولايات المُتحدة الأميركية باشرت بنصب صواريخ من طراز «فولكان فيليكس» مُتحرك، في الميناء المؤقّت الذي أقامته في غزّة، وذلك بهدف «الدفاع عن أهدافها» من التهديدات القادمة من الجو، أو القذائف والمقذوفات، إضافة إلى المُسيّرات، لافتةً إلى أنّ «إسرائيل» كانت تستخدم هذا النوع من المنظومة الدفاعيّة قبل أنْ تتنازل عنها لمصلحة «القبّة الحديدية».
وأشارت المصادر العسكريّة في «تل أبيب» إلى أنّ جيش الاحتلال قام بفحص إمكانية ضمّ هذا النوع من الدفاعات الأميركية الجديدة كعامل مساعد لمنظومة «القبّة الحديدية»، لكن في نهاية المطاف تمّ التنازل عنها.
أميركا أعطت الضوء الأخضر لتدمير قطاع غزة وتصبّ الزيت بسخاء على النار في صراع الشرق الأوسط
مؤتمر سلام واسع النطاق
وفيما كانت واشنطن «صوت الحرب» ترسل قنابلها لقتل الآمنين، وتكتب المرشحة الجمهورية السابقة للرئاسة الأميركية نيكي هايلي عبارات القتل على القذائف والصواريخ الإسرائيلية، دعا الرئيس الصيني شي جينغ بينغ – أحد أصوات السلام- إلى وجوب وقف العدوان الإسرائيلي، وإنهاء معاناة المدنيين في قطاع غزّة، مؤكداً أنّ بلاده ستقدّم مساعدات إنسانية إضافية عاجلة بقيمة 3 ملايين دولار لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا» للدعم الإنساني في قطاع غزّة، وستقدّم 500 مليون يوان إضافية للمساعدة في تخفيف وطأة الأزمة الإنسانية في القطاع ودعم إعادة الإعمار بعد إنهاء الحرب، مصرحاً بأنّ بلاده تدعم إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية على حدود عام 1967، معلناً في الوقت ذاته عن دعم حصول فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.
وحذّر شي من أنّ العدالة في الشرق الأوسط لا يمكن أن تغيب للأبد، داعياً إلى عقد مؤتمر سلام واسع النطاق وأكثر موثوقية وفاعلية لحل «النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني».
تقويض الاستخبارات الإسرائيلية للمحكمة الجنائية الدولية والتأثير فيها يرقيان إلى مستوى جرائم ضد العدالة
في السياق، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف: إنّ المسؤولين الأميركيين يواصلون الحديث عن التزام بلادهم بالحل العادل للقضية الفلسطينية، بينما في الواقع من الناحية العملية يصبّون الزيت بسخاءٍ على النار في صراع الشرق الأوسط، مشيراً إلى أنّ واشنطن عرقلت على مدار 6 أشهر اعتماد قرار لوقف إطلاق النار في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ما أعطى الضوء الأخضر لتدمير قطاع غزة، كذلك بيّن الوزير الروسي أنّ إعلان واشنطن تعليق توريد الذخيرة إلى «إسرائيل» طال نوعاً واحداً من الذخيرة – قنابل الطائرات – وفقط من دفعة واحدة من المساعدات قصيرة الأجل.
جرائم ضد العدالة
إذا كانت المجازر الإسرائيلية في قطاع غزة ترقى إلى مستوى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، فإنّ جرائم الاحتلال بحق المؤسسات الدولية ترقى إلى مستوى جرائم ضد العدالة، إذ قال خبراء قانونيون: إنّ الجهود التي بذلتها أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية لتقويض المحكمة الجنائية الدولية والتأثير فيها يمكن أن ترقى إلى مستوى جرائم ضد العدالة ومستوى الجرائم الجنائية، وينبغي التحقيق فيها من المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، وفق تقرير نشرته صحيفة «الغارديان» البريطانية، رداً على الكشف عن عمليات المراقبة والتجسس الإسرائيلية ضد المحكمة الجنائية الدولية.
وتم نشر الكشف عن الحملة الإسرائيلية المستمرة منذ 9 سنوات ضد المحكمة الثلاثاء، كجزءٍ من تحقيق مشترك أجرته «الغارديان» والمجلة «الإسرائيلية – الفلسطينية +972» ومجلة «لوكال كول» الإسرائيلية، ويوضح التحقيق بالتفصيل كيف تم نشر وكالات الاستخبارات في البلاد للمراقبة والاختراق والضغط على كبار موظفي المحكمة الجنائية الدولية وتشويه سمعتهم وتهديدهم.
وقال توبي كادمان، وهو محام بريطاني متخصص في القانون الجنائي الدولي والقانون الإنساني الدولي: إنّ النتائج التي توصلت إليها الصحيفة البريطانية مقلقة للغاية، وتتضمن مزاعم تشكل محاولة لحرف مسار العدالة من خلال استخدام التهديدات للمدعية العامة السابقة للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا، مضيفاً: من الواضح تماماً أنّ هذه أمور تقع ضمن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، ولاسيما بموجب المادة 70 من النظام الأساسي وعلى أي شخص حاول عرقلة التحقيقات المستقلة للمدعية العامة أن يواجه العواقب.
في الميدان
دكّت المقاومة الفلسطينية بوابلٍ من قذائف الهاون تجمعاً لجنود وآليات العدو الإسرائيلي في مخيم يبنا جنوب مدينة رفح جنوب القطاع، واستهدفت بقذيفة مضادة للأفراد 3 جنود صهاينة بالمدينة وأوقعتهم بين قتيلٍ ومصاب، في حين تصدى مقاومون فلسطينيون لمحاولات قوات الاحتلال اقتحام مناطق متفرقة من الضفة الغربية.
وأعلنت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني أنّ قوات الاحتلال صدمت سيارة إسعاف في بلدة تياسير أثناء محاولة إسعاف أحد المصابين، وأن طواقمها في نابلس نقلوا عدداً من الإصابات إثر اعتداء الاحتلال على أهالي المدينة بالضرب خلال اقتحام بلدة عورتا، في غضون ذلك يواصل جيش الاحتلال اعتداءاته على المدنيين، حيث أحرقت قواته سوق خضار رام الله والبيرة خلال اقتحامها المدينة فجر اليوم، ما أدى إلى حدوث دمار هائل.