13 مربياً لدودة الحرير في اللاذقية.. وغياب سوق تصريف المنتج يعرقل تربيتها
على الرغم من أنها مشروع أسري صغير، لا يحتاج سوى ورق التوت ومجهود عضلي قليل، إلا أن تربية دود الحرير التي كانت نشطة في الماضي في ريف محافظة اللاذقية بدأت تندثر رويداً رويداً، فبعد أن وصل عدد المربين عام 2018 إلى 67 مربياً، سجل هذا العام 13 مربياً ضمن شعبة النحل والحرير في مديرية زراعة اللاذقية، لتتصدر مشكلة التسويق أهم العقبات التي تعترض هذه التربية، كما بين رئيس شعبة النحل والحرير في زراعة اللاذقية المهندس جمال ياسين.
وهذا ما أكده أيضاً عدد من المربين الذين التقتهم »تشرين«، حيث قال الأخوان المربيان فاطر وروبيل معروف من قرية القنجرة واللذان يربيان دودة الحرير منذ ست سنوات: إن المشكلة الأساسية هي في تسويق المنتج، مشيران إلى الدعم المقدم من مديرية الزراعة في المحافظة لناحية تقديم اليرقات مجاناً وإجراء دورات مجانية لكيفية تربية دودة الحرير، ولفت المربيان إلى أنهما يبيعان المنتج إما خيوط حرير وإما شرانق لعدد من التجار والذين عزفوا عن شرائه العام الماضي سوى بكميات قليلة.
وقال فاطر: بعنا الكيلو الواحد من الشرانق بـ 15 ألف ليرة، وهذا سعر ضئيل جداً مقابل الوقت الذي نقضيه في التربية، حيث يتم إنتاج الخيوط بناء على طلب التاجر ولا يتجاوز الطلب 2 كغ، ويصل وزن إنتاج الشرانق إلى 40 كيلوغراماً أحياناً، بمتوسط طول 1200 متر إذا ما كانت تربية الشرانق جيدة.
وأشار المربيان معروف إلى أن التشجيع على ممارسة هذه المهنة يكون بوجود جهة معينة تدعم تسويق المنتج.. متسائلين عن غياب دور وزارة الصناعة في التسويق؟
من جهتها بينت سمر حميشة رئيس الجمعية الوطنية السورية لإنماء السياحة في اللاذقية لـ»تشرين« أن الجمعية تسعى منذ سنتين لإعادة إحياء تربية دودة الحرير، وقد وصل عدد المربين في الجمعية إلى 6 مربين، مشيرة إلى دعم مديرية الزراعة للمربين باليرقات والدورات والمعلومات المجانية حول التربية الصحيحة.
وأكدت حميشة أن تسويق المنتج سواء كان خيوطاً أو شرانق يحتاج لجهود جماعية متضافرة ولخطة ممنهجة من الجهات الحكومية، من حيث التشجيع على استخدام خيوط الحرير في صناعة الألبسة وذلك لفائدتها الصحية والجمالية، مشيرة إلى أن التسويق حالياً يتم بشكل شخصي ومن عدد من المعارف حيث تطلب بعض المحلات في دمشق الشرانق لصناعة صابون الحرير وأدوات التجميل، أما الطلب على خيوط الحرير لاستخدامه في صناعة الكروشيه فهو قليل.
بدوره عزا رئيس شعبة النحل والحرير في مديرية زراعة اللاذقية المهندس جمال ياسين تراجع تربية دودة الحرير لتأثرها بمجموعة من الصعوبات أولها انخفاض عدد أشجار التوت منذ الثمانينيات وقلعها والتوجه نحو الزراعة المثمرة »الزيتون والليمون..«، منوهاً بأن متطلبات هذه المهنة بسيطة فقط ورق توت وغرفة مهوية نظيفة وتعقيم مستمر وفي مرحلة التشرنق أعواد وأغصان الأشجار.
وأشار ياسين إلى أن السلالة الموجودة من دودة الحرير مستوردة من كوريا منذ عام 2011 ونتيجة الظروف التي مرت فيها البلاد أصبح هناك صعوبة باستيرادها لأن البيوض لها آلية علمية خاصة باستيرادها، وأضاف: اعتمدنا على السلالة نفسها حيث نقوم بمزاوجة الفراشات، و نترك بنكاً وراثياً من الفراشات في غرفة تبريد مجهزة في مركز الهنادي ليتم تفقيسها في شهر نيسان.
مشيراً إلى أنه تمت المحافظة على السلالة لتكون خالية من الأمراض والانعزالات الوراثية، وأن السلالة الموجودة مقبولة والطموح حالياً للوصول لسلالة أفضل.
خطوات تحفيزية
وأشار ياسين إلى أنه ضمن الشعبة وضمن مركزي دودة الحرير في وادي قنديل وفي الهنادي يتم تفقيس البيوض للعمر اليرقي الثالث وتعطى للمربي مجاناً وبعد العمر اليرقي الخامس يتم حل الشرانق أيضاً مجاناً سواء عن طريق الآلة الحديثة أو عن طريق دواليب الحل الموجودة عند المربين في مناطق (جبلة، القرداحة، الحفة، المنطقة الشمالية) كما يتم وزن الشرانق ورفع أسماء المربين للوزارة لتقديم الدعم لهم.
لافتاً إلى الدعم المقدم للمربين لتشجيعهم على التربية حيث كان يعطى المربي عن كل كيلو شرانق ينتجها (2000 ليرة) ولكن هذا الدعم متوقف حالياً ليتم دراسة إمكانية رفعها حسب الميزانية المتوفرة في الوزارة.
وأضاف ياسين: إن وزارة الزراعة أقرت بالخطة الحراجية لعام 2022- 2023، بغرس 70 ألف غرسة توت في محافظة اللاذقية موزعة على المناطق ومواقع تركز تربية دودة الحرير لتكون مرادفة لهذه التربية، مشيراً إلى أنه يعطى كل مربٍّ حسب قدمه بالتربية علبة تحتوي على 20 ألف يرقة، أما المربي الجديد يعطى 10 آلاف يرقة، وفي حال نجاحه بالتربية تضاعف الكمية.
محاولات للدعم
وذكر رئيس شعبة الحرير والنحل أن الدعم لهذه التربية بدأ عام 2018 من الأمانة السورية للتنمية بإحداث مركز في الهنادي موجود فيه آلة لحل الشرانق وصالات لتربية دودة الحرير.
ولفت ياسين إلى أن التوجه الحالي لوزارة الزراعة لتطوير قطاع دودة الحرير وحمايته من الاندثار، حيث يتم التواصل مع منظمات (اليونسكو،undp، الفاو) لفتح أسواق لتصريف منتجات دودة الحرير.
وأكد ياسين جهوزية شعبة الحرير وكل الوحدات الإرشادية الزراعية لرفد أي شخص لديه مبادرة لممارسة تربية دودة الحرير لرفده بالتعليمات والإرشادات والدورات المجانية لنجاح هذه التربية وخصوصاً في ظل وجود كادر علمي وفني جيد.
ضعف التسويق
ولفت ياسين إلى أن التسويق أهم عقبة تقف في وجه المربين، يضاف له منافسة الحرير الصناعي الذي حل محل الحرير الطبيعي لرخص ثمنه، فالحرير الطبيعي غالي الثمن للمجهود المبذول فيه وكمية الغذاء الذي تستهلكه الدودة في مرحلة النمو، وأضاف: العلبة الواحدة من اليرقات تحتاج ما بين 400 و450 كيلو غرام ورق توت، ويصل إنتاجها من 25 إلى 50 كيلو غراماً حسب كمية الورق والغذاء والنظافة والاهتمام الذي يعطى لها، مشيراً إلى أن المربين يسوقون منتجهم ويحلون الشرانق ويبيعونها بشكل إفرادي للتجار.
لافتاً إلى أن الجهد المقدم في التربية لا يتناسب مع السعر الحقيقي الرائج حيث لكل عام سعر جديد وهو مرتبط بالسعر العالمي للحرير، حيث يبيع المربي للتاجر حالياً كيلو الشرانق بين (20 و25) ألف ليرة، متأملاً أن يتم افتتاح سوق الحرير في السنوات القادمة لتصريف المنتج.
وختم ياسين: إن فترة التربية مرتبطة بورقة التوت وإنه تم التأخر بمرحلة التفقيس هذا العام لتعرض أوراق التوت للصقيع، وتم البدء بالتفقيس وسيتم خلال 20 يومياً توزيعها على المربين.