هموم الرغيف !
قالوا قديماً: «أعطِ خبزك للخباز لو أكل نصفه» في إشارة إلى أهمية صناعة الرغيف الجيد، وهذا الأمر يحتاج خبرة ومهارة في التعامل مع مادة أساسية للحياة ونظافة يد.
العاملون في المخابز العامة لهم شجونهم، وعامل الوقت لا يسير في مصلحتهم ، ومن يتابع عملهم يرى كمَّ الصبر الذي يحتاجه الإنسان ليقف طوال يومه يراقب خطوط الإنتاج المتهالكة ويحاول جاهداً الارتقاء برغيف خبز مرَّ بمراحل مضنية حتى وصل به الحال ليكون غذاءً مقبولاً على موائدنا …
لم يقبل مدير أحد الأفران أن يحمّلوه وزرَ الرائحة غير المقبولة المنبعثة من الخبز قبل العيد بأيام ولنجد حسب بعض المهتمين بأن المدة الطويلة التي قضتها باخرة القمح في البحر والتعقيم المبالغ فيه كانا «مصدر الرائحة!«.
كثيرة هي مشكلات الرغيف، وجمة هموم الحكومة التي أصبحت أول هواجسها تأمين القمح اللازم لصناعة لقمة العيش في بلد أنهكته الحرب وتكالبت عليه دول شتى تحاول تمزيقه للنيل من خيراته .
في هذه الظروف الضاغطة يعمل عمال الأفران تحت وطأة الخوف من عين الرقيب وما أكثر من يراقب هذه الصناعة !!
قال أحدهم : حين تنتج 20 ألف ربطة خبز يومياً فإن واحدة أو اثنتين لا تمثلان كامل الإنتاج، ومن غير المعقول أن شكوى واحدة لربما تكون كيدية تكون نتيجتها تغريم رئيس وردية بخمسة ملايين ليرة وسنة سجن …
واليوم لا أجد من يقبل بهذا العمل، والقضاء المختص له مبرراته، فهو يعمل وفق النصوص وأتمنى من الوزارة أن تعود «لضبط المشاهدة» والعقوبات التدريجية كما كان سائداً من قبل، كما أتمنى من وزارة العدل أن ترأف بعمال القطاع العام الذين يصلون الليل بالنهار لإيصال رغيف الخبز للمواطنين جيداً قدر الإمكان ووفقاً للمواصفة التي حددتها وزارة التجارة الداخلية لا أكثر.