يا فرعون..!
نعم أكدها وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك أمس, وإن كان تأكيده هذا عبر منشور له، فهو اعتراف رسمي بالتجاوزات الحاصلة وأن لصوص التجار بالمازوت والبنزين في السوق السوداء تجاوزوا حدّاً لا يمكن السكوت عنه, ولوّح بعقوبات كبيرة في حال المخالفة كائناً من كان مرتكبها, وأن جهاز حماية المستهلك المركزي في الوزارة سيقوم بالضرب بقوة على يد كل من باع ضميره ويستغل المواطنين.
هذه الصحوة وإن جاءت متأخرة تشعرنا بأن آلية جديدة وحازمة سيتم اتباعها حيال المخالفين والفاسدين, هذه الآلية التي تأخرت كثيراً وطالب بها المواطنون لسنوات كما طالبنا بها مراراً من خلال عملنا, ولكن كانت المخالفات تستفحل يوماً بعد يوم إلى أن وصلت لدرجة تفوق القدرة على تحمّلها وبات لكل سلعة سوق سوداء وعلى (عينك يا تاجر)، وسط قصور الرقابة في كثير من المناطق عن أداء مهامها والقيام بدورها, بحجج نقص الكوادر وغيرها من المبررات التي كانت تسوّق دائماً, فكم سمعنا عن حالات يتم فيها إخبار أصحاب المحال بأن (كبسات) ستقوم بها دوريات حماية المستهلك لتدبّر أمرهم قبل وصولها, وكثيراً ما كانت هذه الإخبارات تأتيهم من بعض أفراد الدوريات أنفسهم, ولا تخفى ماهية المقابل تجاه هذه الخدمة, وطبعاً مهما كان المقابل فهو أربح لأصحاب المحال وأخف وطأة من غرامة المخالفات حين تسجيلها, ولا يخفى ما لبعض أفراد هذه الدوريات من علاقات وطّدوها مع التجار نظراً لجولاتهم المتكررة إلى المناطق نفسها.
ومن هنا يمكن القول: إن أي رقابة أو آليات مهما كانت صارمة ولضمان فاعليتها يجب التقيد أولاً من الأفراد المعنيين بتطبيقها, لذلك لابد من تشديد العقوبة على أي من أفراد دوريات الرقابة في حال تهاونه أو تعاونه مع التجار ليكون درساً لغيره, كما يجب تبادل أماكن تواجد هذه الدوريات بشكل دائم قبل أن يكوّنوا صداقات مع التجار في أسواق معينة لترددهم الدائم عليها, ولا ضير في رفد عناصر الرقابة بأعداد إضافية من مديريات ومؤسسات أخرى, فهناك الكثير من الكوادر لا حاجة لمؤسساتهم بهم.