الزيارة الاستثناء …

جاءت زيارة العمل التي قام بها الرئيس بشار الأسد إلى طهران استثنائية بتوقيتها واستثنائية بنتائجها وكذلك استثنائية في الظروف الإقليمية والدولية التي تمت بها، فعلاقات البلدين ثابتة منذ أكثر من أربعين عاماً أي مع قيام الثورة الإسلامية عام 1979 لم تتراجع ولم يطرأ عليها أي ركود أو فتور بل كانت دائماً تتمتع بالحيوية والتطور، وهذا نادر في علاقات الدول، ويعود السبب إلى أنها قامت على أسس سليمة ومتينة منذ البداية نابعة من عمق المصلحة الجوهرية للبلدين والشعبين .
واجهت العلاقة السورية الإيرانية منذ اليوم الأول تحديات كبيرة وخرجت منها بنجاح باهر، وأكثر قوة ومنعة، وجاءت الحرب الإر*هاب*ية التكفيرية على سورية لتشكل عنواناً لشراكة بالدم، حيث ساهمت هذه الشراكة بهزيمة المشروع الإره*ابي التكفيري ورعاته، وعلى صخرة التعاون والتنسيق السوري – الإيراني تحطمت الأحلام الأمريكية والإسرائيلية في محاولة إخضاع سورية العقبة الكأداء على طريق إخضاع المنطقة وتصفية القضية الفلسطينية .
لقد راهن الكيان الصهيوني على تراجع العلاقة السورية – الإيرانية ، بعد التقارب السوري الإماراتي وأن أي علاقة سورية خليجية ستكون على حساب العلاقة السورية الإيرانية، لكن هذا الرهان كان خاطئاً و ليس صحيحاً ولا واقعياً، فسورية تعمل على أن تكون العلاقات العربية الإيرانية في أحسن حالاتها ، فما يجمع الطرفين أكثر بكثير مما يفرقهما وتجربة المساعي السورية الناجحة بين دول الخليج وإيران أثناء حرب الخليج بين العراق وإيران خير دليل على أن سورية توظف علاقاتها الخارجية لخدمة المصالح العربية العليا وليس لديها أي نظرة ضيقة أو قاصرة بهذا الشأن .
وعندما نقول باستثنائية هذه الزيارة من حيث التوقيت والظروف والنتائج، لأنها جاءت بعد أربع سنوات من آخر زيارة للرئيس الأسد إلى طهران، وفي هذه الفترة جرت أحداث كثيرة لعلّ من أهمها انكسار الحرب الإر*هاب*ية على الشعب السوري وامتلاك سورية القدرة والخبرات لمواصلة تحرير ما تبقى من أراضيها، وحتى آخر شبر، والظروف الدولية الحالية تنبئ بولادة عالم جديد بعد العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا، حيث ستختفي منه القطبية الأحادية ومعها تتراجع الولايات المتحدة عن الانفراد بزعامة العالم وتقرير مصير معظم دوله، وفي ظل هذه الأجواء كانت الزيارة وجرت المحادثات الإيرانية -السورية لتتمخض عنها نتائج إيجابية ونوعية بخاصة على صعيد الدعم الاقتصادي وتجديد خط الائتمان بين البلدين وتحصين سورية ضد الضغوط ومواجهة العقوبات الجائرة لتبقى العلاقة السورية الإيرانية علامة فارقة والرقم الصعب في معادلات المنطقة .
tu.saqr@gmail.com

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار