الدراما الحامية بين “ريَال” المخرجين و”برشلونة” الجمهور!
الموسم الدرامي سيبدو مملاً، من دون قصة تحمّي المباراة بين “ريلة” المخرجين و”برشلونة” النقاد.
فالجمهور لا يحبّذ نتيجة التعادل السلبي، ويفضل هزَّ الشباك حتى عن طريق أهداف التسلل!. وما علينا فعله، هو انتظار “فتيشة” الأكشن التي ستتكفل بإضفاء المتعة على المشاهدة وبث الحيوية في الساعات الطويلة التي تمتد حتى وقت السحور.
تغير مزاج الجمهور، وغابت تقريباً المسلسلات الشامية القديمة عن المقالات النقدية في الصحف وواجهات “السوشيال ميديا” بعد أن تربعت لفترة طويلة على قائمة المتابعة المحلية والعربية. فالموضوع قد أُشبع تماماً وباتت الأفكار تدور في الفلك نفسه، لكن في المقابل بقيت هناك ثغرة تتعلق بالعرض المتوازن لطبيعة المجتمع والظروف التي كانت سائدة خلال الاستعمار العثماني والفرنسي، فبعض المسلسلات مالت نحو الكلاسيكية والمحافظة، بينما ذهبت أخرى في الاتجاه المعاكس، وبالتالي بقيت الحاجة إلى مسلسلات متوازنة ملحة من حيث القيمة التاريخية والفنية.
الدراما الاجتماعية استولت على المشهد، وهذا يعدّ طبيعياً في تطور الأمزجة الجماهيرية، فرغم أن هذا النوع من الأعمال بقي حاضراً في المواسم الماضية، إلا أن العودة له كمنهج مفضل لدى شركات الإنتاج بدأ يتضح أكثر.
وكان لابدّ من بعض الإشكالات المتعلقة بأداء الممثلين ومرجعيات النصوص والمغالاة في عرض هذا الجانب على حساب ذاك. وكل ذلك يبدو طبيعياً في ظل تطور العمل الدرامي أو عودة الدراما السورية إلى التقاط الأنفاس وتصدر المشهد من جديد.
اللافت هذا الموسم، دخول بعض المحللين السياسيين على خط النقد الدرامي، واتهام بعض المسلسلات بالأحادية وإغفال عرض الجوانب الأخرى المحيطة بالقضايا المطروحة. وهنا تبرز مشكلة المطالبة بتحميل الدراما مسؤولية كتابة التاريخ وصناعة الرأي العام وفق ما يراه المحلل السياسي في هذا الاتجاه أو ذاك، وفي جميع الأحوال فإن هذا الجدل يفيد في تحريك الجو النقدي العام ويفتح للجميع المجال كي يدلوا بدلوهم في المسلسلات.
في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، يبدو طبيعياً أن يتغير مزاج الجمهور الذي يفضّل أعمالاً تناقش واقعه الحالي وتحاول سرد معاناته ومعالجتها بشتى السبل، فنبش التاريخ من دون بوصلة واضحة تسببت على الأغلب بإشكالات بين النقاد والجمهور وصنّاع الأعمال الدرامية، وكان الصراع دائماً يتعلق بنبل الفكرة المطروحة وأساليب إيصالها إلى الجمهور.
لهذا كله، فمن المتوقع أن تستولي الدراما الاجتماعية في المواسم القادمة على أولويات الإنتاج والمشاهدة وربما تكون هذه من المرات القليلة التي يتلاقى فيها أصحاب رؤوس المال مع ذوق الجمهور.