«خيار وفقوس» في صالات «السورية للتجارة» بحلب… مواطنون : بضاعتها مضمونة
لا تزال أسواق مدينة حلب «تغلي», وإن شهدت توقفاً لجنون الأسعار، لم يحدث هذا طبعاً بسبب إجراءات وزارة التجارة الداخلية والجهات الأخرى المسؤولة عن ضبط الأسواق وتنظيم الأسعار، فالعرض والطلب هو من (فرمل) جشع التجار نسبياً, وإن كان دون المأمول، الذي يتحقق في توسيع مدروس لنطاق تدخل «السورية للتجارة» في الأسواق بحيث تكون كاسرة لأسعار التجار الخيالية.
وهنا يمكن القول: إن أغلب المواطنين أجمعوا عند جولة لـ«تشرين» على صالات (السورية للتجارة) في مناطق مختلفة من المدينة على أن أسعار السلع في هذه الصالات أرخص وأكثر موثوقية، لكن السؤال المطروح : هل هذا التدخل كافٍ لإنصاف المواطن المرهق, وخاصة أن تكاليف المعيشة أصبحت تحتاج إلى ما فوق مليون ليرة بينما الراتب لا يتجاوز في أحسن أحواله الـ150 ألف ليرة، وأين تصرف (السورية للتجارة) تلك السلف المالية الكبيرة التي تخصص لها كل فترة إذا لم تضخ السلع الأساسية بكميات كبيرة تحقق فعلياً التدخل الإيجابي عندما تكسر أسعار السوق وحيتانه.
الأرقام تجمع…؟!
السيدة ابتسام دلهش أثناء لقائها في صالة السورية للتجارة “المحافظة” أكدت أن أسعار السلع في صالات (السورية للتجارة) أرخص ومضمونة أكثر، وتضيف: اليوم بسبب الغلاء خفَّت مشترياتنا لكن نبحث عن السلع بسعر أرخص، وغالباً السلع في «السورية للتجارة» أخفض سعراً بمئة أو مئتي ليرة، وهذه أرقام تجمع في كل قطعة بالنسبة للعائلات.
توافقها الرأي السيدة آمنة خصيم، التي قدمت إلى صالة السورية للتجارة في الجميلية لشراء بعض الاحتياجات بموجب قسيمة من الجهة العاملة فيها، حيث أوضحت أنها تشتري السلع اللازمة من صالة السورية للتجارة في الأعظمية المكان الذي تسكن فيه، لكونها تثق بالمنتجات المعروضة في صالة تابعة لجهة رسمية، فهي أفضل من الشراء من محلات تغش في السعر والمواصفة.
ولا يذهب بعيداً العم محمد عامر معلم الذي قصد «السورية للتجارة» بغرض شراء دبس الرمان، الذي وجده بصالة المحافظة بـ5500 ليرة لكن الإشكالية بيعه في صالات أخرى بـ6500 ليرة.
تدخل إيجابي بشروط
تحقيق التدخل الإيجابي لا يكون بالكلام فقط، حيث يفترض ضخ كميات كبيرة من السلع بأسعار منافسة وخاصة في السلع الغذائية، على نحو يجبر التجار على البيع بأسعار أقل من أسعار السلع المطروحة في «السورية للتجارة»، لا أن تلحق وزارة التجارة الداخلية السوق في نشراتها السعرية بحيث تكون مجرد تابع للسوق وقوانين التجار، وهنا يؤكد مدير صالة السورية للتجارة في المحافظة فادي الخطيب أن أسعار السلع في الصالة التي يديرها أقل من أسعار السوق بنسبة مقبولة، فكيلو السمنة يباع في السوق بـ35 ألف ليرة وفي الصالة بـ27 ألف ليرة، ورب البندورة 8 كيلو بـ26 ألفاً, وخاصة في ظل وجود طلب كبير عليها بسبب ارتفاع أسعار البندورة، وحليب نيدو في الصالة بـ27 ألفاً بينما يباع بالسوق فوق 30 ألف ليرة، كما أن المربيات من أفضل وأجود الأنواع، لافتاً إلى مساهمة (السورية للتجارة) بتخفيض سعر البطاطا بعد طرح المصرية بـ2000 ليرة، إضافة إلى الطلب على السلة الغذائية التي تباع بـ69 ألف ليرة بينما قيمتها لو اشتريت هذه المواد من الصالة وليس من السوق بـ90 ألف ليرة، مشيراً إلى أن الأسعار بدأت بالاستقرار بعد حالة الجنون السعري قبل شهر رمضان، مرجحاً أن يكون هناك كسر واضح في الأسعار بعد العيد، بسبب العرض والطلب.
وبيّن الخطيب أن توسيع نطاق التدخل يفرض أن يكون هناك تسعير تسويقي قريب من الواقع، كسعر الزيت، الذي يسعر في (السورية للتجارة) بـ9500 ليرة في حين يباع في السوق بـ16500 ليرة، وبناء عليه يمنع بيع هذا المنتج في صالات السورية للتجارة إلّا بموجب البطاقة الذكية، وهذا يعني تغيباً عن السوق، الأمر الذي يفرض وضع تسعيرة مناسبة مع ضبط لأسعار تجار هذه المواد بحيث تباع بأسعار منطقية أيضاً، مشيراً إلى أنه للمرة الأولى يصبح الزيت النباتي أغلى من زيت الزيتون، وهذه سابقة قد تعطي مؤشراً على رفع أسعار زيت الزيتون خلال الفترة القادمة.
مديرة صالة الرازي سناء كنجو اشتكت من عدم توريد السلع وخاصة الأساسية إلى هذه الصالة بموقعها الاستراتيجي بشكل كاف، الأمر الذي يؤثر في (السورية للتجارة) ويمنع تحقيق الهدف الأساسي في التدخل الإيجابي، وهنا تتساءل: أين التدخل الإيجابي إذا كانت رفوف هذه الصالة خالية من السلع الغذائية الأساسية وخاصة السمنة والزيت والبرغل والرز، مستغربةً كيف تملأ صالة أخرى لا تبعد سوى خطوات بكل أنواع السلع وأخرى لا تزود إلّا بمنتجات محددة كالمنظفات وغيرها بينما السلع الغذائية تقدم بشق الأنفس، معتبرةً أن الأمر فيه «خيار وفقوس» لكن في النهاية المواطن يدفع الضريبة.
ويؤكد مدير صالة الجميلية أن التدخل الإيجابي يتحقق عند طرح السلع بكميات كبيرة وأسعار منافسة وخاصة الأساسية وليس الكماليات، مشيراً إلى أن كسر الأسعار أحياناً يتحقق بالتدخل بالكلام من الجهات المعنية، فكيف إذا اتخذت إجراءات فاعلة على الأرض، فمثلاً حينما ارتفع سعر البرغل على نحو غير مسبوق أعلنت وزارة التجارة الداخلية أنها ستتدخل بسعر منافس الأمر الذي ساهم في ضبط أسعار هذا المنتج الأساسي.
(تباين غريب)
واللافت عند جولتنا على صالات «السورية للتجارة» وجود بعض السلع تباع بأسعار مختلفة كدبس الرمان مثلاً، فصالة المحافظة تبيعه بـ5500 ليرة والرازي بـ6500 وصالة الجميلية بـ7500 ليرة، وقد رد مديرو الصالات السبب إلى اختلاف فترة الشراء، فهل يعقل حصول مثل هذا التفاوت الكبير في صالات السورية للتجارة، وإذا كانت مؤسسة التدخل الإيجابي تتبع هذا المنطق في التسعير، فماذا تركت للمحال التجارية في مناطق حلب وأسواقها.
ضغط كبير
وللوقوف على ما تفعله «السورية للتجارة» في حلب لتوسيع نطاق تدخلها في الأسواق.. بين مديرها طلال فاعور أن النقص في السلع يرمم في الصالات بصورة مستمرة لكن المشكلة حالياً تكمن في الضغط الكبير بسبب طلبات التقسيط للحصول على قرض السلع الغذائية، حيث يصل عددها في اليوم إلى أكثر من 500 طلب، ما تسبب في حصول نقص في بعض الصالات، وبرغم ذلك يعمل بصورة دائمة على ترميم النقص الحاصل في السلع وخاصة الغذائية مع التركيز على الصالات الموجودة في قلب المدينة بغية تأمين الاحتياجات الأساسية للمواطنين وبأسعار مقبولة.
وبيّن فاعور وجود مجهود كبير في توزيع المقنن وخاصة السكر حيث بلغت نسبة التنفيذ 70%، مشيراً إلى أن «السورية للتجارة» في حلب ستتدخل بتأمين الفروج المجمد بسعر 9500 ليرة، إضافة إلى تزويد الصالات بالفواكه والخضار، إذ ستطرح سيارة من الحمضيات في صالات السورية للتجارة، إضافة إلى سيارة من الخضار قادمة من الساحل على نحو يسهم في تخفيض أسعار الخضار والفواكه، كما تدخلت (السورية للتجارة) في تخفيض أسعار البرغل، الذي يطرح بـ4000 ليرة.
وعن اختلاف سعر بعض السلع بين صالة وأخرى أكد أن المواد تعرض بالأمانة لموردين وليس مواد لـ(السورية للتجارة)، بالتالي يمكن حصول هذا الاختلاف وخاصة أن هذا الأمر يعود إلى اختلاف فترة الشراء بين صالة وأخرى، مشيراً إلى أن بعض الموردين طلبوا سحب موادهم من الصالات لكونها تباع بسعر أرخص من السوق لكن الجواب جاء بالرفض، مشيراً إلى أن هذه الإشكالية سيتم التدقيق فيها ومعالجتها.
وأشار إلى عدم رضاه بشكل مطلق عن أداء «السورية للتجارة» في حلب، حيث يعمل يومياً لتحسين وتطوير عملها، مؤكداً أن المواطن دوماً على حق وهو البوصلة والهدف حسب قوله.
ت – صهيب عمراية