قَدَرُنَا.. وَالعَمَلُ بِإِيجَابِيَّةٍ
تركة ثقيلة من الأزمات لا أحد يستطع نكران آثارها، رافقتها كتلة من المشاعر السلبية القاسية على النفوس، ربما أحبطت الهمم وغيبت الأمل، تركت خوفاً من الغد القريب والبعيد، وسوسات وهواجس في عقول وصدور الغالبية من سواد البشر، حالة طبيعية تترافق مع اشتداد حمم الأزمات -وخاصة الاقتصادية- على المعيشة.. ولكن البقاء ضمن سياق التندر والترقب والنظرة السلبية ليست بالمناحي التي ستؤدي إلى نتائج ناجعة، الاستسلام للألم وتركه يعصف بنا جميعاً استسلام مدمر، علينا الخروج من براثن ذلك، كيف نجعله يذهب من دون رجعة، هنا قد نصبح في حالة من الاستعداد لتقبل أي احتمالات جديدة، أو العمل وفق مسارات رحبة تغير من صورة الواقع الصعب..
اليوم ونحن نعيش في أفق عالم شديد التنافس على الإنجاز والإنتاج, عالم متسارع مادياً، تتجه الأنظار كثيراً إلى ما سيحصل.. ماذا سيحل بنا.. ما الطريق القادم بعد حالة التوهان؟
بداية.. تحول الغالبية إلى منحى المادية الصلفة، وقد يبدو ذلك مبرراً، تحولوا إلى استهلاكيين معتمدين كثيراً على كيفية كسب المال بدلاً من العمل على كيفية الحصول عليه بالطريق القويم، وفي الحياة مشاهد عديدة نتجت تحت مسميات وبأساليب مبتكرة، كثر من البشر باتوا لا يستطيعون اليوم العيش من دون أن يقولوا “نحتاج المزيد والمزيد”، ولو على حساب الآخرين، نتيجة تغذية وحش رغبات الاستغلال بدواخلهم، جمعوا من المال الكثير، وكانوا سبباً بالإحباط والإخفاقات وبعض الصور السلبية!
إذا كانت الهواجس يبررها البعض، من جهة أن الإدارات الرسمية مقصرة بتأدية واجباتها، وحالة من القصور بادية على السطح، وحالات عدم التفاعل بالإيجابية المعهودة، ليس كل ذلك بمبرر لتتحمل الإدارات والدوائر الرسمية سيل الانتقادات الحادة، بسبب الفوضى العارمة في الأسواق، أو صدور قرار أو بيان من إدارة أو وزارة فيه من الاستهجان الشيء الغريب لوقوع التساؤل! أمر يعتبره المواطن ضعفاً حكومياً في آليات التعاطي اللازمة، صحيح أن ارتفاعا ت الأسعار وحالة الغلاء السائدة لها ما يبررها، إلا أن هناك الكثير منها يخضع لمزاجيات وأهواء واستغلال شريك مهم للظروف، وهم التجار، وحالة الشد والاحتكار مابين التجار والدوائر الرسمية.. قطبان يحاولان بذل المزيد لتحقيق المكاسب من بعضهما، وهنا لا بد من دور مؤثر للمواطن تجاه الضغط على التجار ومنابع الاستغلال قدر الإمكان!
تصريحات الدوائر الرسمية العامة لا تشبع خبزاً، والخاسر الوحيد هو المواطن الذي يئن تحت وطأة أعباء مالية إضافية فرضتها عليه معادلة السوق، ولا يتوانى عن تحميل الحكومة المسؤولية التامة عن ذلك.. ما يحتاجه المواطن اليوم قبل الغد هو ما يقنعه بسلامة أي قرارات وإجراءات ومدى تطبيقها على أرض الواقع.. ما هو التفكير والخطط لما سيأتي من أيام..؟ وإلى متى ستبقى الغالبية تعاني من سيطرة المتلاعبين بقوت الناس؟
استقبال النور يحتاج إلى نفس راضية تثق بالآخر، نفس ديدنها العمل والإخلاص به، وهنا فما علينا غير السعي، والسعي هو العمل في تغيير القناعات والبرمجيات الخاطئة والسلبية وإبدالها بكل مفيد وجميل يؤثر على حياتنا بالإيجاب.