واشنطن وإطالة أمد الصراع

عندما لا تحقق واشنطن أهدافها من أي أزمة تفتعلها أو أي صراع تشعل فتيله تعمل على إطالة أمده بكل الوسائل والسبل، وهذا نهج بات معروفاً ومكشوفاً في السياسة الأمريكية، والأمثلة كثيرة وآخرها ما جرى ويجري في سورية وما يجري راهناً في أوكرانيا، فكلما اقترب الطرفان الروسي والأوكراني من الوصول إلى حلٍّ نهائي تعمد إدارة بايدن ومعها الأتباع في الاتحاد الأوروبي إلى وضع العصي في العجلات وصب الزيت على النار من أجل التصعيد وإطالة أمد الصراع وإزهاق المزيد من الأرواح من كلا الطرفين.
وعلى الرغم من تواصل المفاوضات الروسية- الأوكرانية، والتصريحات المتفائلة من الجانبين وتسليم الوفد الأوكراني موافقة خطية على معظم المطالب التي عرضها الوفد الروسي قامت واشنطن والدول الأوروبية بإغراق أوكرانيا بالأسلحة الفتاكة لمواصلة إراقة الدماء، وهذا يؤكد تصميم الإدارة الأمريكية على أن يبقى هذا الصراع مفتوحاً ومنع أي فرصة لإغلاقه ما يعني التخطيط المسبق أيضاً لاستمرار القتال بهدف استنزاف قوى الدولة الروسية وتقويض ما وصلت إليه من مكانة وقوة حاسمة على الصعيد الدولي مؤخراً.
ولا يخفى أن السياسة الأمريكية دأبت على الاستثمار بالأزمات والصراعات وهي تستثمر اليوم بالأزمة الأوكرانية من دون أن تخسر جندياً أمريكياً واحداً فقد دفعت القارة الأوروبية إلى أتون الصراع الدائر في أوكرانيا ووضعتها وجهاً لوجه مع روسيا ما جّر عليها أكبر الخسائر من خلال احتمال قطع الغاز الروسي الذي تقوم حياة الأوروبيين عليه، واستغلت واشنطن الأزمة لبيع الغاز الأمريكي المسال بدلاً منه والذي يكلف أضعاف ما يكلفه الغاز الروسي، وفي الوقت نفسه تسوق مجموع الدول الأوروبية كالقطيع لدفع ثمن الأسلحة التي ترسل إلى أوكرانيا بذريعة أن نظام كييف يخوض المعركة نيابة عن الأوروبيين جميعاً.
لقد جنّدت الولايات المتحدة الأمريكية ما استطاعت من إمكاناتها وإمكانات حلفائها لهزيمة روسيا في هذه المعركة وخنقها اقتصادياً بالعقوبات وجيّشت العالم لشيطنة القيادة الروسية ونبذها عالمياً، ورغم ذلك حققت روسيا معظم أهدافها ميدانياً وردت رداً حاسماً على العقوبات التي لم يسبق مثيلٌ لها في التاريخ عندما فرضت التعامل بالروبل كما أن العزلة التي عملت عليها إدارة بايدن -ولا تزال- فشلت فشلاً ذريعاً حينما رفضتها أكبر دول العالم الصين والهند والباكستان وإيران وحتى البرازيل والمكسيك وفنزويلا وكثير من الدول العربية والإفريقية، وفي النهاية لن تكون نتيجة هذه المعركة إلّا خسارة الولايات المتحدة المدوية لموقعها كقطب وحيد في العالم.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار