مسرحية “نهاية اللعبة” غياب الفرجة والمتعة
لم يكن ختام فعاليات احتفالية اليوم العالمي للمسرح على قصر الثقافة في حمص مسكاً من خلال عرض ” نهاية اللعبة” لفرقة فرع نقابة الفنانين في حمص الجهة المنظمة للاحتفالية مع مديرية الثقافة ودائرة المسرح القومي. فقد اختار المخرج جواد عكلا نص الكاتب “صموئيل بيكت” وأبقى منه على شخصيتين فقط، وكان العرض الذي استهلك أقل من خمس وأربعين دقيقة، خالياً من العناصر الفنية المساعدة على الفرجة إلاّ ما ندر، وكذلك خالياً من الفعل الدرامي الذي بوساطته وبوساطة الحوار ينشأ الصراع شيئاً فشيئاً ليبلغ الذروة ثم تأتي الخاتمة وفق الأسس الكلاسيكية لأي عرض مسرحية، فلا نعرف لماذا غاب عن ذهن المخرج جواد أن العرض المسرحي يظل محكوماً بالفرجة وليس بعرض الأفكار التي يمكن لأي منّا قراءتها في مقال أو بحث، بمعنى آخر؛ إن لكل عمل فني مقومين، واحد فكري والآخر فني، إن لم يتوافر له المقوم الفني من تنوع ومهارة فلن يستطيع أي مخرج جذب المشاهدين للمقوم الفكري، فالمتعة التي يجب أن يتحصّل عليها كل المتفرجين لا تأتي من مقوم دون آخر، بل بتضافرهما، فقد يكون خيار أي مخرج لمثل هذا النص بهذا الإعداد مقبولاً بسبب توافر عناصر الإنتاج السخية في بلد أوروبي وليس لدينا، ومعظم العروض تنتج من دون ديكورات أو إكسسوارات، في فضاء مسرحي خالٍ وإن امتلأ فلن تشغله سوى الإضاءة وحركة الممثلين وهي غالباً لا تكفي، فكيف إن لم تتوافر حتى هذه الحركة المقيدة أصلاً لشخصية “هام ” جسّدها الممثل أفرام ديفيد، كمكفوف، يعيش على كرسي متحرك، وخادمه ” كلوف ” جسّده المخرج جواد، يتحرك في فضاء خالٍ إلاّ من سلم مزدوج يحمله أحياناً ويتركه أحياناً أخرى وقد يستخدمه لأكثر من غاية ما أبطل تأويلنا أن تكون صخرة سيزيف التي يحملها الإنسان على ظهره. ويظل طوال العرض يبدي رغبته في مغادرة منزل “هام” في حين أن الأخير يرغب في رؤية ما هو خارج البيت من النافذة وبعيون خادمه، الذي لا عمل له سوى تأمين طلباته وإنزال ستائر النافذة ورفعها، والتعبير عن رغبته في الرحيل عن هذا البيت. ويراهنه “هام” أن ليس بإمكانه رغم تحريضه له أن يفعل ذلك، ونظل طوال العرض نلمس رغبتهما في الموت، والاستماع إلى حوارهما حول ما يحدث على الكرة الأرضية من كوارث، ويستغرقان في حوار حول كيف لـ ” هام” أن يعرف إن غادر ” كلوف” المنزل، وأنه لم يمت، فيقول ” كلوف”: سأضبط منبّهاً لعلّه يساعد في إخطارك برحيلي، وإن مت ستصلك رائحة نتنة، فيسخر منه ” هام” بأن رائحته بالأصل نتنة. استعان المخرج بتقنية الإسقاط على الشاشة الخلفية في الفضاء المسرحي لكن ذلك لم يجعل رغم ما بذله من جهد والممثل أفرام، من تقديم متعة للمتفرجين فنياً ونظن أيضاً فكرياً، لأننا نظل غرباء عن هذا الطرح المتأتي من طبيعة الحياة في المجتمعات الغربية، ولم تلامس طبيعة الحياة في مجتمعاتنا وأسئلتها، ولا نعلم لماذا اختتم المخرج عرضه بالجملة التالية: ” أيّها العصفور طر نحو حبيبتي، عشش في ثيابها، أخبرها كم أنا وحيد وكم أنا حزين!!”. ونتساءل: هل من لديه حبيبة يكون وحيداً وحزيناً، وكان قد وصلنا أنه بلا أحد، ولذلك أزعم أن هذه الجملة ليست من نص المسرحية لأنها تناقض حال الشخصية وما اشتكت منه طوال العرض.
فنيو العرض: مؤثرات صوتية: سامر الأقرع. إضاءة: محمد الحسين. ديكور: أشرف عكلا. تقنيات فنية: عماد الأقرع. إدارة منصة: أفرام الزكيمي.