كَيفَ نَجعَلُ نِهَايَةَ الاِنتِظَارِ أَجمَلَ؟
كل شيء صار “غير”، عالم جديد يتجهز لولادته بصبغة تختلف عما عاشته وعانت من ويلاته الشعوب على مدار سنوات مديدة، السياسات صارت “غير” تحكمها المصالح والمنافع، ولا أحد يكترث بحقوق البشر، الحياة صارت ذات نمط لم يألفه الأولون من أسلافنا وأجدادنا، العادات والتقاليد محط تنمر وانتقاد، حتى رمضان هذا العام “غير” ومرد ذلك لمعاناة البشر مع حمم الأسعار لأنها هي أيضاً “غير”.
من الجوائح المرَضيّة، إلى حدوث الاضطرابات والحروب، إلى شلل مفاصل الاقتصادات، إلى قلة المتاح، وبعدها ماذا سيحصل..؟ هل يصل العباد لمرحلة الفاقة والمجاعة الحقيقية..؟ أم إن البقاء ضمن بوتقة حالة السكوت والكمون وانتظار الفرج من الغيب هو السائد..؟ إلى متى تجاهل عدم الأخذ بالمسببات لإيجاد مخارج نجاة ولو ضمن الحدود الضيقة..؟
لا نقول إن الحروب تثير القلق فقط، بل تسبب آثاراً اقتصادية فادحة، وتكاليف المعيشة آخذة بالارتفاع جراء تعطل سلاسل التوريد وغلاء فاتورة الإنتاج، ومن ثم تفاقمت أزمات الطاقة والحبوب والغذاء بمجمل أساسياته، ليس فقط محلياً، بل بكل أسواق العالم قاطبة, وما حصل ضيّق وأفق قاصر تجاه معالجة بعض المسائل، في وقت صارت فيه المعيشة على المحك، وشبح الموت يتراءى من بعيد، ولا أحد يعلم حجم الكارثة المتوقعة.. أو ماذا نحن فاعلون..؟ وأين خططنا ومبادراتنا..؟ أم نحن رهن انتظار المجهول..؟
كل منا ينتظر شيئاً ما، كل منا ينتظر فرجاً، ينتظر عملاً، ينتظر زواجاً، ينتظر لقمة عيش من دون منغصات، كل منا ينتظر حدوث شيء ما، وكلنا ننتظر الفرج من الله، ويبقى ذاك الانتظار المجهول، الذي لا أحد يعلم عنه شيئاً.. جميل الانتظار، ولكن كيف نجعل نهاية الانتظار أجمل..! والخشية كل الخشية من أن تكون حالة الانتظار هذه قد أصابت من يضع الخطط ويسهر على تنفيذها..! الوقت لا يرحم، وحالة الانتظار والترقب يجب أن تكسر، ولكن كيف..؟ بالعمل وعدم الاستسلام وترقب المجهول، لنستفد من مدرسة رمضان الذي نعيش أيامه، نافذة تشع منها كل عام نسائم الرحمة والتعاون، لنعلم أنفسنا ذاتياً، ونبدأ في ترتيب أولوياتنا، وأن نستفيد من كل لحظة، وألا نبقى ننتظر، نحن بحاجة إلى كوادر ومسؤولين أكفاء لا يؤمنون بالانتظار والترقب، فالمميزون هم الساهرون حين ينام غيرهم، المجتهدون حين يبحث غيرهم عن الراحة، هؤلاء الذين يعملون أولاً ولا يتوقفون كثيراً عند انتظار الغد وما يحمل معه..!
هي دعوة لرؤية مبادرات من القطاع الخاص للوقوف إلى جانب الوطن والمواطنين في مثل هذه الظروف وأن يتم تطبيق مبادرة «البيع بسعر التكلفة» مثلاً.. ونشهد حالة تكاتف كبيرة من الجمعيات الخيرية والمبادرات المجتمعية لإضفاء لمسات إنسانية ربما تسعد نفوساً أتعبها الجوع والفاقة..!