لوحات عرض ذكاء «way in» تفتقر للقيم المعنوية وللمقومات الدرامية
جرى مساء اليوم الخامس من احتفالية اليوم العالمي للمسرح عرض ذكاء «way in» لفرقة المسرح العمالي في حمص بالتعاون مع معهد الثقافة الشعبية في مديرية الثقافة, ولأننا لمسنا تذمراً كبيراً مما تم عرضه، سواءً خلال العرض أم بعده كردود فعل. ولذلك لنتفق أولاً أننا لسنا في حضرة مهرجان مسرحي بل نحن في فعالية احتفالية يمكن أن نقدم رقصاً أو غناءً أو مزيجاً بينهما، وليس بالضرورة أن تلتزم كل الفرق بتقديم عرض متكامل أو أن تعالج نصاً مسرحياً بالمقومات الكلاسيكية, فمن هذا المنطلق يفترض أن ننظر لما قدمته فرقة المسرح العمالي في حمص، ثم إن العروض المشاركة قد خضعت لمشاهدة من لجنة شكّلتها نقابة الفنانين منظمة هذا الاحتفال منذ سنوات، التي باتت تتعاون مع مديرية الثقافة ودائرة المسرح القومي على تنظيمه، فإن كان في العرض ما لم تره لجنة المشاهدة سيكون لها الحق في توجيه أي مساءلة للفرقة, فلا نكون ملكيين أكثر من الملك, أمّا إن كانت المقاربة لما تم طرحه غير ناضجة فنياً فهذا ما تتحمله الفرقة وليس الجهة المنظمة للاحتفالية, وسنتوقف لاحقاً عند ما أثار تذمراً من قبل الجمهور وخاصة منهم أهل المسرح.
لا يخفى على أي متابع للمسرح أن العرض الذي جاء بتأليف جماعي، إعداد وإخراج سامر إبراهيم أبو ليلى، ومساعد إعداد سيناريو: غريس إبراهيم، استعار بنية عرض مسرحية «كاسك يا وطن»، فثمة إذاعة تقدم لنا بعض البرامج والتمثيليات، وهكذا تألف من لوحات عدة على غرار عروض أخرى سبق أن انتهجها أكثر من مخرج مسرحي، فقاربت اللوحات مواضيع مختلفة، كان أبرزها انتقاد خدمات ( البطاقة الذكية) التي حمل عنوان العرض انتقاداً لاسمها, لكن معظم اللوحات لم يحالفها توافر المقومات الدرامية لها، ولا عنصر الإقناع أيضاً, ولم ندر سبباً لطول العرض بما أن الغاية الأساسية منه المشاركة بالاحتفالية وليس تقديم عرض في مهرجان، برغم عدم غفلتنا عن غايته الأخرى الهامة وهي تقديم هؤلاء الشباب (ذكوراً وإناثاً) كطاقات تستحق الاحتفاء والتشجيع، وهم حقاً كذلك. فشكت بعض اللوحات من ضعف درامي وعدم مقاربة لما هو هام أو جديد فكان يمكن الاستغناء عنها، وكان مجموع اللوحات التي تناولت نقد البطاقة الذكية وهي سبع لوحات لم تحظَ سوى واحدة ببناء درامي جيد، وما تبقى كلها إشارات لما يعطى للناس عبرها ولآلية التوزيع بها وحتى للناس من دون أي منطق لماذا ننتقد خوف الناس من دون الإشارة لسبب خوفهم, ولوحة لم تستطع تعميق فكرتها المؤلمة التي منح بها الناس معونة واشترط توزيعها وجود البطاقة لنكتشف أنها إطار لصورة الشهيد فالمعونة لذويه.! ولوحة كان حوارها ساخراً من الذي عرف عنه أنه مدح البطاقة الذكية وحسناتها بأنها تزيد صلة الرحم بين الناس من خلال هذه الطوابير, ولعلّ اللوحة الأكثر توافراً بمقومات الدراما كانت «زواج بالبطاقة الذكية» لكنها الأكثر رفضاً من الجمهور الذي استنكر حركات الممثلة والممثل التي توحي بشكل فاضح لما ينتظر أن يقوم به أي عريسين ليلة الدخلة!, ولو تأملنا لوحات أخرى لما وجدنا فيها أي قيمة معنوية يراد تعزيزها بين جيل الشباب فهل مطاردة فتاة لحرفي تمديدات صحية أو كيف يمكن لامرأة أن تغوي رجلها فتستعين بمشعوذة، أو لصورة كاريكاتورية لرجل تظهره ملابسه أنه من القبضايات في حين يدفع بزوجته لخدمات لا أخلاقية، هي من القيم المعنوية التي يمكن للوحات مسرحية أن تقاربها وتعززها لدى الجمهور الشاب؟ مشكلة هذه اللوحات أن معظمها حاول أن يقلد بناء بعض اللوحات الدرامية التلفزيونية وخاصة منها «ببساطة»، فأخفقت، ولم تستطع إحدى اللوحات أن تقنعنا بأن الرجل الذي يعمل بشركة صيانة التمديدات الصحية لم يعرف صوت زوجته التي حاولت أن تستدرجه لعلاقة عاطفية، ولم تعرف هي صوته أيضاً؟! وثمة لوحات غردت خارج تلك المواضيع كان بعضها موفقاً، و الآخر يحتاج إعداداً أفضل ،لكنها أشارت إلى قدرات الممثلين بأنها جيدة وفاعلة في أنواع محددة كالتي جاءت بالفصحى، فكان إحساس الممثلة والممثل عالياً جداً بالحوار. ونزعم أن مثل هذه اللوحات تعطي صورة خطأ عن مقومات العمل المسرحي لجيل الشباب، وأزعم أن الذين صفقوا لأصحابهم الذين جسدوا تلك اللوحات لن يتذكروها بعد أقل من أسبوعين.
فريق التمثيل: سلام خضر، غانية الأبرش، فياض كاسوحة، أحمد الدروبي، هادي المرعي، حسن الرضوان، جابر العلي، تشلسي هوبسون، نغم وقاف، غزل الدروبي، ماجد طليمات، رفيق البواب، جيسكا غريبة، أمل إبراهيم، يزن ثلجة، سومر كرم، خالد بحلاق، ربا العلي، لجين شقوف، أحمد سليمان، عبد القادر ميلاد.