هل يصلح الصحفيون ما أفسدوه؟

كثرت في الآونة الأخيرة المقالات الصحفية والأحاديث الجانبية التي تعرض لمشاكل الصحفيين في سورية، وتطالب بحلول ناجعة لها .. وخاصة بعد مؤتمرهم العام الأخير ، وانتخاب مكتب تنفيذي جديد، واجتماعه مع رئيس الحكومة و الانطباعات غير الإيجابية .. بل خيبة الأمل التي نتجت عن هذا الاجتماع الأخير ، ذلك أن كثيراً من مشاكل الصحفيين وأزماتهم سببها تجاهل دورهم المهم في بناء المجتمع ، والتنبيه على مكامن الخطأ فيه ، وحقهم في أن يكون لهم بيتهم الداخلي الحصين .. ما أنتج عدم جدية في التعاطي مع همومهم وأزماتهم المختلفة – وخاصة المالية – التي يعاني منها اتحادهم العتيد .
الكل يعلم أن الظرف اليوم على كل الصعد مختلف عنه في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، وهي الفترة الذهبية التي عاشها الاتحاد ، مثله في ذلك مثل كل النقابات المهنية والمنظمات الشعبية ،
والكل يعلم – أيضاً – ما تمر به البلاد من أزمة اقتصادية خانقة ، ما شكل ذريعة سهلة لأولي الأمر والمتنفذين ، لينظروا بعين الريب و التردد والإجحاف والإهمال إلى مطالب الصحفيين بتحقيق حياة أفضل لهم أسوة بزملائهم في النقابات الأخرى، سواء في ذلك ما يتعلق بتأمينهم الصحي وتقاعدهم ، أو برفع سن التقاعد أو غير ذلك .
هنا يطل برأسه سؤال منطقي – و بقوة – جاراً معه مجموعة من التساؤلات الأخرى :
– ألم يستثمر الاتحاد الفترة الذهبية المذكورة آنفاً كما فعلت بقية النقابات؟
– و أين هي المكاسب العقارية والمالية التي حصل عليها آنذاك؟
– أليس المفترض أن هذه الاستثمارات قد توالدت ونمت وأضحت ذات ميزانيات كبيرة وأرباح ضخمة؟
لكن الإجابة الصادمة هي … لا .. لم يستثمر الاتحاد ذلك، و لا وجود لمثل هذه الاستثمارات لديه اليوم .. و السبب في ذلك كله ليست سنوات الحرب التي مرت على البلاد ، و لا نكسة حزيران ، و لا السفر برلك ، لكنه الاتحاد نفسه والمكاتب التنفيذية التي تعاقبت عليه خلال تلك الفترة والفترات التاليات .. ذلك أن إهمالاً عجيباُ مورس على تلك الاستثمارات حتى بدأت تضمحل ، و لا مبالاة – أجزم بأنها متقصدة – عوملت بها حتى تلاشت شيئاً فشيئاً ، وقبل ذلك وبعده وأثنائه الفساد المالي من داخل البيت الصحفي نفسه ، لتصبح هذه الاستثمارات أخيراُ في خبر كان .. و يجد الاتحاد نفسه على ( الحديدة ) تماماً .. بلا قدرة على دعم أعضائه ومنتسبيه ، ولا إمكانيات لتأمين حياة أفضل لهم، وحتى بلا مقر لائق به أسوة بمقار الجمعيات والمنظمات الصحفية في دول الجوار والعالم .
الوثائق الموجودة – اليوم – تشرح ذلك كله بإطناب و تفضحه و تعريه ، وتشير بشكل سافر وعلني بأصابعها المتهمة للمهملين و الفاسدين، والوثائق لا تجامل أحداً و لا تمسح لأحد جوخاً ..
ثمة – اليوم – محاولات للاتحاد ولمكتبه التنفيذي لاستعادة شيء من مكاسبه التي خسرها غنائمه التي غرم .. لكن الأمر يبدو معقداً وفي غاية الصعوبة ، ذلك أن الخرق اتسع على راتقه ، وبات إصلاح ما أفسد الأسلاف مهمة شبه مستحيلة .. و جاء أخيراً عدم الجدية في التعامل مع أوجاع الاتحاد من أصحاب الأمر والنهي ليتوج ألماً يعانيه الصحفيون حتى يئسوا أو يكادوا .. فهل يستطيعون أن يصلحوا ما أفسد أسلافهم؟.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار