هدنة مشرّفة وليست حفظاً لماء وجوه أطراف العدوان
قرابة الأسبوعين مرّت والهدنة المعلنة في اليمن صامدة بالعموم ، وسط أجواء مشوبة بالحذر من جانب القوى الوطنية اليمنية ، وتقديمها ما يلزم لإنجاح الهدنة واستمراريتها ، على قاعدة إفساح المجال لأي مبادرة من شأنها أن تخفف عن الشعب اليمني الذي يعاني الأمرّين من جراء الحرب الظالمة التي شنت عليه .
القوى الوطنية اليمنية تؤكد أن هدنة الأمم المتحدة التي تأخرت على الأقل عاماً كاملاً ، هي خطوة مرحبٌ بها ، وتنسجم مع ما كانت تطالب به من قبل لإفساح المجال لحلّ يحفظ وحدة اليمن وتحقيق مطالب شعبه ، ليس هذا فحسب ، بل ذهبت هذه القوى في مساعي التسهيل إلى التأكيد غير مرة استعدادها لتحويل وقف إطلاق النار، إلى التزام نهائي ومستمر ودائم، في حال أعلن النظام السعودي وتحالف عدوانه سحب القوات الأجنبية من الأراضي والمياه اليمنية ، والتوقف التام عن دعم الميليشيات المسلحة في اليمن .
هدنة رمضان جاءت على وقع تغيير مهم ، وهو تشكيل ما يسمى ” مجلس قيادة ” من ثمانية أشخاص، في السابع من الجاري ، خارج اليمن .
كان يمكن فهم الإجراء فيما لو تمَّ في الداخل اليمني ، وبعد التشاور مع قوى لها باعها وتجربتها ، لكن الشكل الذي ظهر عليه المجلس المذكور وهذا الإجراء يؤكد زيف ادعاءات “الشرعية ” التي كانت أطراف العدوان تتبجح بها، إضافة إلى ما حمله المجلس عينه ، من علامات استفهام لجهة التشكيل بعيداً عن الأرض اليمنية، والأسماء المنتقاة التي لا تمثل حقيقة القوى اليمنية كلها .
هدنة اليمن مدتها الزمنية شهران قابلة للتمديد ، وقد دخلت التنفيذ 2 نيسان الجاري، هي الأولى منذ نحو 7 سنوات، بموجبها يتم الاتفاق على هدنة على مستوى اليمن كلها، و ستسمح وفق بنودها، بدخول واردات الوقود وبعض الرحلات الجوية التي تنطلق من مطار صنعاء.
مّرت قرابة الأسبوعين، ومع مرور وقت من تاريخ إعلان الهدنة تؤكد مصادر من الداخل اليمني أن تنفيذ الهدنة بطيء جداً حيث لم تدخل سفن المشتقات النفطية كما هو مقرر لها إلى ميناء الحديدة ، وما زال مطار صنعاء على حاله.
في العموم يمكن القول: إن الأجواء في الداخل اليمني وكما قال المبعوث الأممي هانس غروندبيرغ بعيد لقاءاته في العاصمة صنعاء تشي بالتفاؤل، لكن يبقى الخوف مشروعاً من أن تسعى الأطراف المرتبطة بتحالف العدوان لاستثمار الهدنة ، ومحاولة الضغط على الجبهة الداخلية، في محاولة لنيل ما لم تتمكن منه في الحرب ، وهذا الأمر بدا واضحاً للقوى الوطنية التي خبرت النوايا وتعرف المرامي ، لذلك حضّرت نفسها لكل السيناريوهات ، ولن تقبل بأنصاف الحلول .
لقد قبلت الأطراف اليمنية الوطنية هذه الهدنة، ليس من موقع الضعف، أو التنازل عن الأهداف المشروعة ، بل لتفويت الفرصة على من يريد التصيد بالماء العكر، وتالياً، فإنها لن تسمح بأن يتم استغلال الهدنة لذر الرماد في العيون ، وتبوؤ صدارة المشهد اليمني على دماء الشهداء وعذابات الشعب اليمني .
صحيح أن الهدنة هي استراحة محارب، تريدها الأطراف جميعها ، لكن الموقف الوطني الصادق هو من يعمل لكي تتحول إلى فرصة ومنعطف للدخول في حوار سياسي يفضي إلى حلٍّ مشرّف لليمن الذي تعرض لحرب ظالمة أوصلته إلى ما هو عليه من أزمات، ليس هذا فحسب بل التمسك بأن يدفع أطراف العدوان التعويضات المحقة من جراء ما تسبب به عدوانهم من ويلات .
هذا هو معيار الالتزام الوطني كما تؤكد القوى اليمنية الوطنية ، بمعنى؛ عدم توفير فرصة للمعتدين للخروج بما يحفظ ماء وجههم بعد أن مُرِّغوا بتراب اليمن ، وما عدا ذلك من تفاصيل يمكن مناقشتها ، فالساحة اليمنية الداخلية رحبة وتتسع للجميع وهي بحاجة لجهود الجميع .