السُّوريون الشُّجعان
نحن السوريين سنبقى أباة، أعزاء، كما رضعنا حليب الكرامة والانتماء والفخار، حضارتنا تدل على شموخنا وكبريائنا، تاريخنا كتبناه بالنضال والعمل والتفاني المطلق.. ونحن نعيش ذكرى الجلاء نستلهم معانيه الخالدة، ونستشف قيم المستقبل والبناء المشرق..
انقشعت ظلمة أكثر من ربع قرن من الاحتلال الفرنسي البغيض لثرى سورية الطاهر، بعد أن جلا آخر جندي فرنسي يوم السابع عشر من نيسان سنة 1946، دفع خلالها الشعب السوري البطل ثمن حريته أرواحاً طاهرة، ودماء زكية، عطرت كل حبة تراب من أرض وطننا الغالي من أدناه إلى أقصاه..
سنوات وسنوات مرت من عمر شجرة الحرية.. هذه الشجرة الكبيرة ذات الظلال الوارفة التي زرعها أجدادنا بجهودهم المخلصة وإصرارهم الذي لا يلين، ورعاها آباؤنا، ورويناها بدمنا الزكي، حفاظاً على بلدنا وصوناً لها.. فتحقق ما نصبو إليه وكان الجلاء.
كانت ثوراتهم شاهداً على بطولاتهم وملاحمهم الأسطورية تلك التي عمت أرجاء سورية، وتجلت فداء وإقداماً في عدة مواقف، وعلى كل شبر من مساحة الوطن تداعوا إلى البطولة مدافعين بكل إيمان وبكل ما يملكون، وانضووا تحت راية واحدة، ساقتهم إلى تسطير أروع البطولات.. نعم هكذا هم السوريون عظماء وأقوياء دافعوا ببسالة وكبرياء وبشرف عن وطنهم، ونالوا الشهادة بقوافل من الأبطال الشهداء، وهي ثمن كبير لمواجهة الاحتلال وطرده.
هؤلاء هم أبناء سورية البررة تاريخهم حافل ومجيد يشع نوراً وتراثاً ثرّاً من الرجولة والإباء.. هبوا في كل مكان.. من الجنوب إلى الشمال وفي الجبل والسهل.. في الأرياف والمدن لملاقاة أولئك الغزاة بما ملكت أيديهم من عتاد بسيط وأدوات لا تذكر.. لكن عقيدتهم كانت قوية لا تلين وإيمانهم كبيراً بحتمية الانتصار وقوة الحق والمحافظة على تراب بلدهم.
ونحن نعيش ذكرى الجلاء ننحني أمام كل المناضلين والمدافعين بكل فخر، فهم من زرعوا بدمائهم الطاهرة أنصع وأنقى معاني العزة والفخر عبر نضالات وتضحيات ستبقى رائدة على مر الزمان..
كانوا رجالاً ميامين وأبطالا كباراً رفعوا اسم بلدهم عالياً خفاقاً ليقولوا للعالم أجمع: نحن السوريين.. دماؤنا سخية كي يبقى وطننا قوياً، فكان التحرير..
الجلاء مناسبة عزيزة على قلوبنا جميعاً.. وهذه دعوة لنجدد العهد كما نحن، ونعود من جديد للحب والإخاء والإخلاص بخدمة وحماية وطننا الذي يحتاجنا كلنا بلا أي استثناء.. لنضع كل مايعكر صفو النفوس والصدور جانباً، ولنضع أيدينا معاً من جديد، لنعلي شأن وطننا ونرفع رايته عالياً.