جوقة نسرين

صحيح أنّ موسم الدراما؛ يفوق في الجودة والنوعية على الأقل خمسة مواسم سابقة، غير أن الكثير مما وقعت به تلك المواسم لا يزال عالقاً في الموسم الحالي، وثمة إصرار على المُضي قدماً من قبل صُنّاع الدراما في التعمشق بالسويّات دون المستوى على أمل بيع المُنتج السوري حتى وإن تمّ الأمر على حساب الثقافة والذهنية السورية، بل حتى على حساب الحلم السوري الذي هو من أجل سورية ثقافية جديدة قائمة على عمقٍ حضاري يمتدُّ آلاف السنين.. منها – على سبيل المثال – دراما دمشق، أو دراما البيئة الدمشقية، التي استنفدت كل جمالياتها وكل أفكارها – إن كانت هناك من فكرة أو أفكار حقاً في هذه الدراما – وذلك منذ المسلسل الشهير (حمام القيشاني)، التي بقيت دراما دمشق تشهقُ على حوافه في مئات المسلسلات لم تنجُ غير قلة ليست أكثر من عدد أصابع اليد الواحدة من الرداءة والتكرار، وفي أن تلهث لتصل لثلاثة في المئة من نجاح (حمام القيشاني)، إضافة إلى تكريسها صيغ وقيمٍ ثقافية هم أنفسهم – صُناع العمل – من مخرجين وكتّاب وممثلين أبعد ما يكونون عنها، وعما يروجُونه..

وحتى لا نبقى في التعميم لنأخذ مثالاً على هذا الإفلاس مسلسل (الكندوش)، تأليف أو الأصح (تجميع) الممثل حسام تحسين بك، وإخراج سمير حسين؛ فلم يكتفِ صُناعه ببؤس الجزء الأول، وإنما أضافوا له جزءاً بائساً ثانياً، والحقيقة أمست الأجزاء – إلا ما ندر – إشارة لتدني سوية مثل هذه الأعمال.. ففي متابعة وتأمل بسيطين لدراما هذا المسلسل لن يصعب على المُتابع معرفة المرجعيات الحكائية التي بُني عليها الكندوش، وهي في جميعها حكايات عالمية، والكثير منها قصص الأطفال القديمة، ومن هنا تبدو الحلول الدرامية البسيطة حتى البديهية التي قصرّت هذه الدراما حتى في معالجتها.. هنا سنجد مرجعيات الكندوش الحكائية في أكوام تلك الحكايا البعيدة مثل: شهرزاد، سنو وايت، ليلى والذئب، وعشرات غيرها.. وكل ما فعله السيّد حسام تحسين بك؛ إنه قام بلوي عنق تلك الحكايا بيئيّاً، بمعنى لوي عنقها لتصير (دراما بيئة دمشقية).. والحقيقة إنّ عشرات مسلسلات البيئة الدمشقية كانت مرجعيتها تلك الحكايا، بل وصل الإفلاس ببعضها لاستعارة حكاية (ريّا وسكينة) التي قام عليها مسلسل (وردة دمشقية).. واليوم مثال آخر لهذا الاتكاء هو مسلسل (جوقة عزيزة)، أو جوقة نسرين طافش، إذ إن أسماء الشخصيات، واللهجة وحدها – الدمشقية – هي من منعته أن يكون جوقة (بديعة مصابني)، أو (جوقة فيفي عبده).. إنه الإفلاس يا صاحبي!!
هامش:
أتلقطُّ
اللهفةَ العاريةَ
في عينيكِ الإليفتين،
مُفتشاً
عن حنينٍ عميق؛
تماماً
كمن يلتقطُ
الهمسةَ في المكان المحتشد.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار