المَرحَلَةُ القَادِمَةُ.. سِينَاريُوهَات صَادِمَةٌ
تتعدد السيناريوهات وتتنوع أسبابها أمام الحكومات، وتتعقد ويصبح إيجاد حلول لها من العسير والمحبط في حال حصول نزاعات، وما يرافق ذلك من تحديات وضغوطات اقتصادية خانقة.. في حال حصول الحروب وتسيد حالة التضخم العاصفة بالأسواق حتى قبل نشوب أي أحداث، هنا تتعقد السيناريوهات، وأي مساعٍ جديّة لإيجاد مخارج نجاة ستكون بطيئة وقد يعتريها القصور وربما الفشل..!
هنا السؤال.. أين تكمن المشكلة وما السر..؟ الكل في حالة شكوى وتذمر وتقاذف مسؤوليات من هنا إلى هناك.. والنتيجة حالة تضخم تنخر بكل شيء، وغلاء وصل لمستوى لا يطاق، وإجراءات رسمية بين الحين والآخر لضبط إيقاع مهزوز أصلاً، لكن الواقع بتجلياته يبدو صعباً..!
المواطن يشتكي ولسان حاله يلهج: الحكومة مقصرة، والغلاء وفحش التجار سوّدا حياتنا، تجار وموردون وصناعيون، وهؤلاء أيضاً يشكون، ولا أحد تعجبه قرارات الحكومة, فكلٌّ يغنّي على ليلاه، وأفقه محصور كيف أحقق معادلة الربح بأرقامها المعهودة، من دون الأخذ بتكاليف زادت مرات ومرات، فقط لا يرى إلا أن على الحكومة أن تعطيه المزايا والتسهيلات، أما أن يبادر ويعمل ويراعي أوضاعاً كهذه، فلا شأن له..!
من جهة الحكومة، وليس تبريراً أو دفاعاً عن إجراءاتها، وبعيداً عن؛ أين أخفقت أو أين أصابت، لها حساباتها وخططها، إلا أن واقعاً صعباً قائماً، فرضته أحداث ومتغيرات وحصار خانق شلَّ أي برامج وربما وأدها.. ما يحصل من حالة تضخم طالت جلَّ الأسواق العالمية، وما تركته على الاقتصادات ومعيشة البشر، لأمر صعب جداً، بدأ يأخذ مساراً جديداً من جهة التفكير تجاه رسم حلول للتخفيف من أهواله، في وقت لا أحد يعلم ما السيناريو المقبل، وكيف سيكون وما مدى قوته وتأثيره على معيشة البشر، خاصة بعد تبلورات بظهور تكتلات اقتصادية وتكتيكات تصب في آليات تعاطي العملات وما ستخلقه من واقع آخر..
في ظروف كهذه.. كيف ستتم المواجهة لتخفيف حدة ضغوطات الارتفاعات السعرية، فأي سيناريو أمام أي حكومة، سيكون صعباً جداً من حيث كلفه المادية على الخزينة والاقتصاد، سواء بالعودة للدعم أو من خلال زيادة الرواتب، كلها ضغوطات كبيرة لها تداعيات على الاقتصاد الذي يعاني أصلاً من عجز مالي مزمن..!
ما يقلق حقاً، خلاصة ما تشير إليه التوقعات باستمرار بورصة الأسعار صعوداً, وهذا يؤسس لبقاء موجودية معدلات التضخم تفترس المداخيل وأي بوادر انفراج تلوح بالأفق طوال الأشهر المقبلة، وبالتالي فإن أسعار السلع والشحن والطاقة ستزداد عما هي عليه، فماذا نحن فاعلون، هل تستمر الأحاديث وتقاذف المسؤوليات..؟
صحيح أن الحكومة مطالبة بتأمين كل الخدمات والإمكانات التي تسمح للمستوردين باستيراد السلع من دون عقبات، وتقدم الحوافز في حالات معينة، لكن مطلوب أيضاً من التجار ورجال القطاع الخاص مدّ قنوات التواصل والعمل وخلق المبادرات الإنتاجية والتنموية، والمهم أن يساهموا -وأخص هنا التجار- بدور فاعل إزاء التعامل وفق أسعار معقولة، لا جعل شاغلهم الوحيد الربح الفاحش..! ويبقى البحث عن قنوات تمويلية وفق ضمانات طريقاً مفيداً عبر توسيع التمويل الممنوح للتجار لتوريد السلع الأساسية بفوائد قد تكون مخفضة عليهم مثلاً، ولأوقات الشدة فقط.. إجراء يسهّل تدفق السلع ويخفّف الأعباء المالية على التجار والمستهلك معاً.
تتعدد السيناريوهات كما قلنا، لكن قاسمها المشترك الصعوبة، حتى سيناريو فرض العقوبات على المتلاعبين بقوت العباد لم يأتِ بنتيجة مشجعة.. وأي سيناريو مهما كان قوياً لا يستطع تغطية تكاليف الزيادات في الأسعار، فما السيناريو المرتقب..؟