روان عودة وريم حايك ترسمان جماليات العقل والروح
تجربتان من ضفتين مختلفين أسلوبياً، لكن كل واحدة منهما تمتلك جمالياتها الخاصة المرتبطة بشخصية الفنانة ونظرتها إلى الحياة. هكذا قدمت روان عودة وريم الحايك لوحاتهما الجديدة في المركز الوطني للفنون البصرية، كأنهما شاءتا أن تحيطا باحتماليات الجمال قدر الإمكان.. لوحات ريم حايك مالت للطفولة والبساطة عبر كولاجات تضج بالألوان الحية الصارخة، وحرصت في كل عمل أن تقدم لقطات تخيلية لقصص ومشاهدات يمكن أن تفاجئنا في حياتنا العادية، أما روان عودة فذهبت باتجاه الرصانة والتجريد عبر الحفر في أعمال قدمت نظرتها إلى الأشياء بشكل مختلف وجديد. مراهنة الفنانتين على دواخلهما في قراءة المحيط، جعلهتما تنقّبان في الذات لامتلاك منظارهما الخاص. ورغم أن هاتين التجربتين في بدايتهما تقريباً، إلا أن الطريق الذي اختارته كلٌّ منهما يفك أسر تقليد الآخرين بهدف ترك البصمة الخاصة التي تمتلكها كل واحدة منهما.
التفاؤل والتأمل، الحزن والتفكير، الحيوية والانطواء، كلها رؤى بصرية قدمتها الأعمال الكثيرة التي حضرت في هذا المعرض. ورغم أن روان عودة ذهبت باتجاه التجريد باعتبار أنه الأقدر على إيصال رؤيتها البصرية والفكرية، إلا أن ميلها للبساطة في الأسلوب جعل هذا التجريد صديقاً للعين، فلم يغرق في الغموض على المشاهد الذي كان بإمكانه فك عناصر كل عمل ببساطة، وتلك ميزة إيجابية في أعمال عودة بشكل عام.
ريم الحايك، ذهبت باتجاه ضفة المراهنة على اللون وزرعه بالأشكال الطفلية التي تجذب العين نظراً لحيويتها وصخبها، وفضلت تلك التلقائية البسيطة التي سميناها طفلية الرسم على اعتبار أن ذلك يقربه من العين أكثر ويجعله مريحاً نظراً لجرعات التفاؤل الكبيرة التي تزرعها برك الألوان الحافلة في اللوحات.
المعرض يعدّ الإطلالة الثانية بعد مشاركة ريم و روان في معارض جماعية سابقة، فهو من حيث الكمّ والنوع يعد خطوة على طريق تبلور هذه التجربة التي تبحث عن ذاتها وتحاول صياغة خصوصيتها بأناة ودقة. ورغم أن كلاً منهما تحاول تجريب العبور بزورق مختلف عن الأخرى، إلا أن شغف الإبحار يبدو حاضراً في هذه الأعمال التي تنقسم إلى ضفتين، الأولى تتبع العفوية والبساطة وانسيابية المشاعر، والثانية تراهن على التأمل وإثارة العقل واقتحام دواخل الأشياء.