في خضم الأحداث العالمية الكبرى التي أعقبت العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا، يتساءل الكثيرون عن مصير الاتفاق النووي الإيراني وهل سيتم التوقيع على تجديده بعد أن وصلت المفاوضات إلى نقطة النهاية، وهل ستؤثر الأحداث الجارية سلباً أم إيجاباً على التوقيع؟ .ما من شك أن هناك أزمة غير مسبوقة تمرّ بها العلاقات الدولية وأن هذه الأزمة ستؤثر بشكل أو بآخر على أغلبية دول العالم وعلى العلاقات فيما بينها وأن هناك مشهداً دولياً جديداً يولد من رحم الحدث الروسي- الأوكراني الذي لم يحصل له مثيل منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.
لقد تذرعت الإدارة الأمريكية بعدم التوقيع على الاتفاق في اللحظة الأخيرة بموقف الجانب الروسي الذي طالب بضمانات خطية من واشنطن برفع العقوبات لكي يسهم في تنفيذ الاتفاق ويقوم بشراء اليورانيوم المخصب من إيران، وعندما حصلت موسكو على هذه الضمانات أزيلت العقبة الروسية من أمام إنفاذ التوقيع، لكن التوقيع لم يتم حتى الآن مع إنه من مصلحة إدارة بايدن أن يتم التوقيع بل هي تريد في ظل الظروف الراهنة أن تكون إيران جهة أساسية لإمداد أوروبا بالغاز كبديل عن الغاز الروسي في الوقت الذي ترى أن ذلك يفيدها في دق إسفين في العلاقات الروسية- الإيرانية، غير أن روسيا قطعت الطريق وسارعت إلى الإعلان عن عدم اعتراضها على إيصال الغاز الإيراني إلى أوروبا.
يبدو أن هناك أسباباً أخرى للعرقلة تقف في وجه التوقيع على تجديد الاتفاق ألا وهي المعارضة الخليجية بشكل عام والمعارضة السعودية بشكل خاص ومع تطور الأحداث مع اليمن واشتداد الضربات اليمنية في الداخل السعودي واتهام إيران بأنها تقف وراءها تزداد الضغوط على إدارة بايدن لعدم التوقيع حتى لا تتفاقم الخلافات السعودية- الأمريكية التي تدهورت ووصلت إلى حدّ رفض السعودية لطلب واشنطن بزيادة ضخ النفط لتعويض النفط الروسي وتسريب أخبار أن الرياض يمكن أن تتعامل باليوان الصيني بدلاً من الدولار في تعاملاتها مع الصين التي تعدّ أكبر مصدّر للنفط للصين، ما يؤثر بشكل كبير على مكانة الدولار عالمياً فضلاً عن موقف سعودي ملتبس فيما يخص الموقف من روسيا بعد عمليتها العسكرية في أوكرانيا وغموض الموقف الخليجي بشكل عام تجاه هذه العملية.
لكن المعرقل الأكبر والذي لم تتوقف محاولاته عن تعطيل الاتفاق منذ ما قبل التوقيع عليه عام 2015 هو الكيان الإسرائيلي ومن ورائه اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة صاحب التأثير الكبير على قرارات الإدارة الأمريكية سابقاً ولاحقاً وهذا اللوبي يأمل في التغييرات التي ستنجم عن التوترات الخطيرة بين روسيا وأمريكا أن تؤدي إلى وقف التوقيع على الاتفاق وفشل المفاوضات بشكل نهائي ولذلك يمكن القول إن احتمالات التوقيع تعادلها احتمالات عدم التوقيع وأن التصريحات المتفائلة يمكن أن تذهب أدراج الرياح في اللحظات الأخيرة.