التخلي عن الوهم.!
مازلنا نقرأ بين حين وآخرعلى الصفحات الخاصة للشعراء والشاعرات أخباراً عن ترجمة بعضٍ من أشعارهم لهذه اللغة أو تلك، وهذا حق لهم، فلا يسعنا سوى أن نفرح لهم ونبارك، لكن استحضار ذكراها من قبل بعض الأسماء، وفق نظام التذكير السنوي للـ ” فيسبوك” ينهض مشكلة تصديق من يستعيدها أنهم أصبحوا في عداد الشعراء أصحاب اللغات القومية الأخرى التي تُرجمت أعمالهم إليها، ما يعني أنهم سيتصرفون أحياناً على هذا الأساس، وفق المثل الشعبي الآتي: “كبراني الخسة براسو”، لكن في ظل تلك التصريحات التي لا تفيد بعدد النسخ التي طبعت من تلك الترجمات والتي لا نعتقد بتجاوزها مئة نسخة، لا نعدم قراءة تصريح شاعر يفيد بتواضعه ويعرف حجم الوهم الذي يفترض ألّا يتخيل أكبر منه مطلقاً شاعر عربي ترجمت له قصائد للغة ما، فلقد مضى شاعر من مصر اسمه ” إبراهيم المصري” له ما يزيد على خمس مجموعات شعرية، ورواية، وهو زميل إعلامي تقاعد أخيراً من عمله في تلفزيون أبو ظبي، مضى يقول ” ولا أجمل من الأديب غير المتوهم بحجم مكانته وأدبه، فلا يدّعي أنه صار نجم النجوم، لمجرد أن بعضاً من نصوصه قد ترجمت لغير لغة، حتى لو كان الذين ينطقون بها لا يتجاوزون عدد أصابع اليدين! بوسعي أن أكتب في سيرتي الذاتية، أن نصوصاً لي تُرجمَت إلى اللغات: الإنكليزية، الفرنسية، الإسبانية، الألمانية، اليونانية، البنغالية، والكردية.. وهذه حقيقة بالفعل، لكن هل هي حقيقة مُعتبرَة في انتشار نصوص شاعر مصري عربي في لغاتٍ غير اللغة العربية؟ إجابتي هي: لا.
لأن هذه الترجمات تظل نثاراً لا يؤسس صوتاً مسموعاً ولا صورةً واضحة لي أو لهذا الشاعر أو ذاك في اللغات الأجنبية، أي إنها نوع من وهم الانتشار لنا نحن الشعراء العرب العاجزين لأسباب كثيرة حتى عن الانتشار في لغتنا العربية”.
ويتماثل رأيه ربما مع كثيرين في أن ذلك ليس إلاّ تباهياً يخادعون به أنفسهم أن أصواتهم باتت ذات صيت في لغات غير العربية. ويختتم الشاعر إبراهيم المصري بقول جميل: والشعر كتابةً وقراءةً وانتشاراً في لغته الأصلية أو في لغاتٍ أخرى، الشعر تحديداً هو “التخلي عن الوهم”.