في مغامرة فريدة وشائقة تأخذنا الأديبة الأمريكية ( شارلوت بيركنز جيلمان: 1860-1935) برفقة المغامرين الثلاثة: ( تيري و. نيكسون – جيف مار غريف- فانديك جينيغنز) إلى بلاد مجهولة، إلّا من أساطير القبائل البرية المنتشرة بين الأدغال في أعالي نهر كبير، إلّا أن الأصدقاء الثلاثة الذين أتيحت لهم الفرصة للانضمام إلى رحلة علمية كبيرة، سوف يعبرون النهر مرة ثانية بعد انتهاء البعثة العلمية، معتمدين على تلك الأساطير للوصول بطائرتهم الخاصة إلى تلك البلاد المعزولة عن عالمنا بتضاريس طبيعية قامت بحماية مجتمعهم على مدى ألفي عام مضت، وقد “حرصت -الكاتبة- على عدم ذكر مكان تلك البلاد خوفاً من أن يندفع إليها أولئك الذين نصَّبوا أنفسهم مبشرين للناس، التجار أو دعاة التوسع في الأرض” فهذه البقعة الجغرافية- المملكة- التي عانت في الماضي السحيق من سيطرة التقاليد الذكورية وقوانينها المبنية على الحروب، والأطماع، واستغلال الإنسان لأخيه الإنسان، لن تستطيع العودة بمجتمعاتها إلى تلك المرحلة الدموية التي جعلت منهم نساء بلا آباء، أو أزواجاً، ولولا ارتفاع قوة الحب والأمومة لديهن، لكان قدر الانقراض هو مصيرهن المحتوم، تلك القوة الهائلة التي تمكنت من الأم الكبرى، لتلد من خارج القوانين البشرية، خمس طفلات، ليتابع نسلهن مهمة الاستمرار بالوجود، توازياً مع موت النساء ثنائي الجنس في بلادهن، ومع تتالي الحقب اختفت فكرة أن الرجال هم الأوصياء على النساء، واختفت معها الأفكار والقوانين والتقاليد التي تحكم مجتمعاتنا الحديثة إلى الآن، وكانت البدائل لديهن مبنية على الحب والتعاون وتقديس العمل وتوزيع المهام، والمعرفة التي تم تطوريها أدواتها النظرية والتكنولوجية بما يخدم حركة مجتمعهن، والحفاظ على كينونته الإنسانية، ما جعل منهن مجتمعاً متماسكاً يتحدر من أم واحدة، ولا يحكم أفراده الخوف أو القلق أو الاستغلال، وصارت الطيبة أحد أهم ميزاتهن، وهذا ما سيجعل من المغامرين الثلاثة- بعد مغامرة سردية شائقة – ضيوفاً مرحباً بهم في “أرض النساء” وفق قوانين مجتمعهن لمدة عام كامل، ستشغل أيامه تعلم اللغتين، وحوارات، ومقارنات للوقوف على نقاط الضعف والقوة في المجتمعين، ومن ثم احتفالات على شرف زواج كل فرد من المغامرين بالمرأة التي أحبها، على أمل عودتهن جميعاً إلى الكينونة البشرية في المستقبل، لنصل بالرواية إلى اكتشاف مفارقات كبيرة بين مجتمع تحكمه تقاليد ذكورية بكل التفاصيل التي نعرفها على مساحات القارات المأهولة، وبين مجتمع- يمقته المغامرون، ممثلين مجتمعاتنا، لكون الثاني لا قدسية فيه سوى للأمومة والحب والبراءة والطهارة والتعاون والسلام، والطفولة لكونها تمثل مستقبل الحياة البشرية فوق هذه الأرض..
*
– قامت بنقل الرواية إلى العربية المترجمة ” غلا سمير أنس” وصدرت بطبعتها الأولى عن دار ” كنعان”- دمشق-2022.