التداعيات النفسية لانقطاع الكهرباء على شريحة الطلاب
(لا تدفئة ولا كهرباء، كيف يمكنني أن أتابع تحضيري للامتحان الذي لا يفصلنا عنه سوى شهرين) تقول الطالبة حنين في الصف الثالث الثانوي : لا يمكنني الدراسة في فترة المساء سوى ساعة واحدة بعد انقطاع الكهرباء التي تزورنا نصف ساعة مساءً، ولا يمكنني استخدام الليد لأكثر من ساعة).
بدورها، قالت والدة الطالبة رهف التي تقدم امتحاناتها في الجامعة : إن توتر ابنتها يزداد ووصلت حد الاكتئاب، حتى إنها ترفض متابعة دراستها والسبب في ذلك سوء الكهرباء، وهي تعاني ضعفاً في البصر ولا يمكنها الدراسة في الضوء الخافت.
لا شك في أن هناك العديد من العوامل المتداخلة فيما بينها تؤثر في نفسية الطلبة لما لها من تداعيات خطيرة على كل المستويات (الاجتماعية والأسرية والاقتصادية )، كما تقول الدكتورة ميساء علي مدرّسة علم نفس وتصوف في قسم الفلسفة جامعة تشرين، وتضيف: هناك تداعيات نفسية خطيرة بسبب انقطاع الكهرباء الجائر والمستمر والذي يتجاوز أكثر من عشرين ساعة يومياً، ومن جوانبها السلبية أنها سبب في الكثير من المشكلات الأسرية بسبب القلق الذي يعانيه الأهل حيال مستقبل أبنائهم الذين يلمسون فيهم حالة الضجر والملل الدائمين حتى بات التوتر حالة سائدة داخل الأسر التي تتحمل فوق طاقتها.
وأضافت علي : الحرمان من الكهرباء يضاعف حدة الأزمات الأخرى، ناهيك بأنه يبعث الشعور بالخمول واليأس والاستسلام في أعماق الطلبة، إضافة إلى تدني جودة القدرات التعليمية والأداء الدراسي، فالكثير من الطلبة لا يستطيعون الدراسة على ضوء الليدات التي تضعف أبصارهم، ولا على أصوات المولدات التي ترهق آذانهم وتتعب عقولهم، ما يجعل الفرصة مهيأة للدخول بقلق دائم نتيجة التفكير بالمستقبل وعدم الشعور بالراحة والأمان النفسي والاجتماعي، ما يجعلهم يفقدون التركيز ومكتئبين دائماً.
والأشد خطورة من ذلك كما تقول علي : استمرار هذا الشعور يؤدي بالطلبة إلى أمراض نفسية شتى، ومعاناة لا حلول ولا حدود لها، أضف إلى ذلك سوء الحالة الصحية الناتجة عن انقطاع الكهرباء، وخاصة في فصل الصيف حيث الحرارة العالية الشديدة وفي الشتاء البرد القارس، علماً أن كلتا الحالتين تنعكس على أداء الطالب في تراجع قدراته التعليمية وإهمال واجباته وازدياد الضغط النفسي.
وقدمت الدكتورة علي بعض الاقتراحات لعلّها تؤخذ بالحسبان من قبل المعنيين، كأن تخصص أماكن ضمن المراكز الثقافية والجامعات والمكتبات المزودة بالكهرباء وبكل وسائل الراحة، ليتمكن الطلبة من الدراسة، وتحضير المشاريع العلمية وأداء الواجبات البحثية، أو توفير بيئة تعليمية جيدة مزودة بإنارة دائمة، وتخصيص أوقات خلال اليوم (فترة الصباح أو الظهيرة أو المساء، تكون فيها التغذية الكهربائية مستمرة بلا انقطاع، بحيث يتسنى للطلبة التحضير لفترات الامتحان، ولفتت علي أن هذه المقترحات تحتاج إلى عقلية جادة وملتزمة وجهود متضافرة مع بعضها البعض، للنهوض بمستقبل يليق بأبنائنا الطلبة واستثمارهم فيما ينفع وطنهم ويحقق كرامتهم ويحمي أنفسهم من الضياع والتشتت والقلق .