المقداد: اعتراف روسيا باستقلال دونيتسك ولوغانسك خطوة نحو الدفاع عن السلم العالمي
أكد وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد أن اعتراف روسيا باستقلال جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك خطوة نحو الدفاع عن السلم العالمي والقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة والعلاقات الدولية السليمة.
وفي كلمة له اليوم خلال منتدى فالداي للحوار في موسكو أوضح المقداد أن كلمة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس كانت نقطة فاصلة للرد على الدول الغربية والتهديدات التي كانت تتكلم عنها هذه الدول لفترة طويلة، مبيناً أن هذه الدول استباحت العالم ودعمت الإرهاب وتستخدم القوة وأساليب الخداع والضغط وتعتبر من يسير في نهجها ديمقراطياً وحراً، بينما من يرفض الانصياع لنهجها معادياً للديمقراطية والحرية.
وقال المقداد: كنا نتعاون منذ فترة طويلة مع جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك ونعتقد أن هذه الظروف الحالية ستساعد على زيادة هذا التعاون، مضيفاً: إن سورية تعرضت على مدى أكثر من أحد عشر عاماً لحرب إرهابية غير مسبوقة وبطبيعة الحال يعلم الجميع أننا حققنا انتصاراً ميدانياً مهماً على الإرهاب بفضل قواتنا المسلحة وبدعم الحلفاء والأصدقاء وفي مقدمتهم روسيا ممثلة بقيادتها السياسية وقواتها الشجاعة التي وقفت معنا بكل إصرار وعزيمة، غير أن الانعكاسات الحقيقية لهذا النصر تمثلت أولاً في نسف رواية الحكومات والقوى المعادية التي استماتت لتزييف الحقائق ومارست بروباغاندا إعلامية لإظهار ما جرى في سورية على أنه حرب أهلية، أما الانعكاس الثاني المهم فقد ظهر على الصعيد الوطني في سورية، حين أثبت السوريون في نهاية المطاف إرادتهم الشعبية بالانتصار على الإرهاب بمختلف أشكاله وجنسياته وبرفض الهيمنة الأمريكية والغربية على استقلالنا وقرارنا الوطني وبإرادة الحياة والاستقرار والرفاه لكل السوريين مهما كانت التحديات الأمنية والاقتصادية.
وقال المقداد: خلال سنوات الحرب الإرهابية دفع شعبنا ودولتنا أثماناً باهظة من أرواح المواطنين الأبرياء ومن تدمير البنى التحتية والأملاك العامة والخاصة وسرقة للنفط والغاز والقمح والموارد الطبيعية والتراث الحضاري والإنساني للشعب السوري، أما اليوم فتواجه جهود الحكومة السورية في مجال إعادة الإعمار وضمان العودة الآمنة للمهجرين السوريين إلى بيوتهم وحياتهم الطبيعية تحديات ليست بالعادية مع استمرار الوجود العسكري غير الشرعي لقوات الاحتلال الأمريكي وسيطرتها مع ميليشيا انفصالية تابعة لها على آبار النفط والغاز والأراضي الزراعية الحيوية في شمال شرق سورية.
وحول الوجود التركي قال المقداد: نواجه أيضاً مشكلة وجودية مع الاحتلال التركي لمناطق في شمال سورية ومحاولات النظام التركي تغيير التركيبة الديمغرافية والهوية السورية في تلك المناطق وضمان استمرار سيطرة تنظيمي “القاعدة” و”جبهة النصرة” الإرهابيين على مناطق في الشمال الغربي من سورية إلى درجة غير مسبوقة وتحت أنظار المجتمع الدولي الذي يشاهد كيف باتت الحكومة التركية تمثل السند الأساسي لهذه التنظيمات الإرهابية في إدلب ومحيطها من دون أن يحرك ساكناً.
وأشار المقداد إلى أنه خلال العامين الماضيين وعلى الرغم من المطالبات الأممية والدولية بما فيها دعوات الأمين العام والكثير من أصحاب الولاية في مجال حقوق الإنسان من أجل رفع الإجراءات الاقتصادية القسرية أحادية الجانب المفروضة على الشعب السوري لمواجهة تداعيات جائحة «كوفيد19» العالمية فقد أقدمت الحكومة الأمريكية والاتحاد الأوروبي على إصدار العديد من القرارات التنفيذية بتجديد وتشديد مفاعيل هذه الإجراءات وذلك بالتوازي مع دخول ما يسمى «قانون قيصر» الأمريكي حيز التنفيذ في نهاية العام 2020 بما يشمله من إجراءات اقتصادية عقابية مشددة ضد السوريين وضد كل حكومة أجنبية أو «طرف ثالث» يسعى إلى المشاركة في نشاطات اقتصادية وتجارية استثمارية وخدمية لخير المواطنين السوريين داخل سورية.
وبين المقداد أنه بسبب الحصار الاقتصادي الخانق تراجع ترتيب سورية في دليل التنمية البشرية إلى قائمة أقل البلدان نمواً حسب تقارير الأمم المتحدة المعنية بالتنمية البشرية بعد أن كانت سورية تحقق تقدماً ملحوظاً قبل العام 2011 في مجال تطبيق معايير ومؤشرات التنمية المستدامة وفي مجال تحقيق النمو الاقتصادي والذي وصل إلى 9 بالمئة سنوياً واليوم تخلف هذه الإجراءات غير المشروعة آثاراً سلبية خطرة حتى على عملية إيصال المساعدات الإنسانية باعتراف منظمات الأمم المتحدة العاملة على الأرض وعلى سبيل المثال لا الحصر ارتفعت تكلفة السلة الغذائية التي يقدمها برنامج الأغذية العالمي للمحتاجين من العائلات السورية خمسة أضعاف خلال فترة عشرة أشهر وانخفضت قيمتها الغذائية إلى أقل من النصف.
وأوضح المقداد أنه في عملية حسابية سريعة يمكن القول إن إعادة تأهيل وبناء قطاع الطاقة الكهربائية في سورية قد يحتاج لأكثر من عشرين مليار دولار.
وقال وزير الخارجية: إن الحصار الاقتصادي الأمريكي- الأوروبي يعوق قدرات الحكومة على التعاقد مع شركات أجنبية لصيانة وإعادة تأهيل محطات التوليد وشبكات نقل الطاقة الكهربائية ويحد هذا الحصار من قدراتنا الوطنية على تمويل أي مشاريع صيانة أو بناء محطات طاقة جديدة بسبب حظر التحويلات المصرفية كما يقيد هذا الحصار الجائر قدرة الحكومة السورية على تأمين الوقود والغاز اللازمين لتوليد الطاقة الكهربائية.
وفيما يتعلق بما يسمى «قانون قيصر» الأمريكي الذي دخل حيز النفاذ في حزيران من العام 2020، قال المقداد: إن مضمون هذا القانون الجائر وغير الإنساني وغير القانوني كان غير مسبوق في خرقه لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة ومبادئ القانون الدولي التي تدعم جميعها حق الدولة في التنمية والرفاه وتدعو إلى احترام حرية التبادل والتجارة والاستثمار بين الدول.