قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الحاسم والسريع ، بتلبية طلب الرئيس الكازاخستاني قاسم جومارت توكاييف، بإرسال قوات عسكرية للمساعدة في إعادة الأمن والنظام إلى بلاده ، قطع الطريق أمام واشنطن وحلفائها الغربيين للتفكير في استغلال الأحداث التي انفجرت في كازاخستان والتدخل في شؤون أكبر دولة في آسيا الوسطى مجاورة لروسيا وبحدود طولها 7500 كم وهذا التدخل لو حصل كان سيتيح للبيت الأبيض أن يضرب عصفورين بحجر واحد لجهة التأثير والضغط على روسيا والصين معاً باعتبار أن كازاخستان تقع بينهما وما يحدث فيها من فوضى وأعمال إرهابية يمكن أن ينتقل إلى كلتيهما وهو ما كانت تخطط له واشنطن إثر انسحابها المفاجئ وغير المتوقع من أفغانستان وهي فرصة ثمينة لحلف شمال الأطلسي باللعب في الحديقة الخلفية للاتحاد الروسي وفي الحديقة الأمامية لجمهورية الصين الشعبية .
واستطاع الرئيس بوتين أن يفعل ويحرك معاهدة الأمن الجماعي أو “حلف الناتو المصغر ” كما تسميه بعض وسائل الإعلام الذي يضم روسيا وكازاخستان وبيلاروس وأرمينيا من أجل إرسال قوات حفظ السلام والمشاركة في مساعدة كازاخستان لإعادة الأمور إلى وضعها الطبيعي والحيلولة دون انزلاقها على طريق الثورات البرتقالية أو الملونة التي تصنعها أجهزة المخابرات الغربية على غرار ما حصل في جورجيا وأوكرانيا تمهيداً لضمها إلى حلف الناتو وتطويق روسيا بالدول المعادية لها وشد الخناق حولها .
وليس من قبيل المصادفة أن يتزامن تفجير الأحداث الدموية في كازاخستان مع بدء المفاوضات الروسية الأمريكية ومفاوضات روسيا والناتو للبحث في الضمانات الأمنية التي طلبتها موسكو ومنع تمدد “ناتو” شرقاً ، فواشنطن تريد من وراء هذه الأحداث أن تكون ورقة ضغط على الكرملين وإشغاله بعيداً عن أوكرانيا وفتح جبهة جديدة في دول آسيا الوسطى التي كانت جزءاً من الاتحاد السوفييتي والذي اتهم وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية انتوني بلينكن الرئيس بوتين بأنه يسعى لإحيائه بكل الوسائل والسبل .
لا نتجاوز الواقع إذا قلنا إن ما يحدث في كازاخستان حدث وانتهى فالأحداث التي مازالت في بدايتها ستكون لها تداعيات كبيرة وانعكاسات خطيرة على العلاقات الروسية الأمريكية وتمدد الناتو شرقاً وبالأخص على مفاوضات الضمانات الأمنية الجارية بين الغرب وروسيا وعلى مجمل المشهد الدولي بأسره .
tu.saqr@gmail.com