مر عامٌ ثقيل على الجميع، قضاه السوريون وفي أيديهم الآلة الحاسبة، وأذهانهم متّقدة وعارفة بكل ما حولهم، فصاروا خبراء باستخراج النسب، والزيادات، وحساب الضرائب، وجمارك الموبايلات، ومنشأ (البالة)، وإمكانية الربح من تجارة المفرقعات، وتحويل الوحدات، وأسعار السلع صباحاً، وكم سترتفع مساءً، وأسعار البنزين، وأنواع الأوكتان، وأنواع المازوت، والغاز، وأي أنواع الغاز تستخدم للمنزل، وأيها يستخدم للتوليد، وعدد الآبار الداخلة في الاستثمار، والحقول التي من المخطط استثمارها، وأسماء الآبار التي ليست تحت سيطرة الدولة، وعدد براميل النفط التي سننتجها حين تعود حقولنا المحتلة، وجدوى الطاقة البديلة، وأسعار الألواح الشمسية، وأنواع البطاريات، واستطاعات (الإنفرترات)، وأفضل (الليدات)، وأي لونٍ منها يصمد أكثر، وكيفية تقطير الأسيد في المدّخرات، وأيها أفضل، الأنبوبي، أم العادي، أم السائلة، أم المغلقة، وأسعار كيلو واط الكهرباء المنتجة بالوقود الأحفوري، والمنتجة من الطاقة البديلة، وعلاقة ارتفاع أسعار البقدونس بالدولار، وتأثير سلة العملات الصعبة على كيلو الحليب البقري، وأسعار الدولار الأربعة (مكاتب تحويل – مصرف مركزي – استيراد – سوق سوداء)، ومصادر الكهرباء، وكميات الفيول، وآلية عمل مصافي التكرير، ومدد عقود صيانة محطات التحويل، وأسماء المعابر المفتوحة، والمغلقة، وأسعار التبغ في المحافظات، وفرقها عن دمشق، وارتفاع أسعار الأدوية، وأسماء بدائلها، وعناوين منازل أصحاب معامل الأدوية لإرسال (اللي فيه النصيب) لهم لكثرة نواحهم كل ثلاثة أشهر، وسُرعات الانترنت عند الدولة، وعند الشركات الخاصة، والاشتراكات الشهرية، وعروض سيريتل، وإم تي ان، وبرامج المسابقات المحلية، والعربية، وتعرفة سيارات الأجرة، و(السرافيس) قبل زيادة أسعار المازوت والبنزين وبعدها، وأسعار القبور، وأماكن المقابر، وتطورات (ماروتا سيتي)، ومزادات السيارات، والكثير غير ذلك.
كل هذا على المواطن السوري أن يعرفه ليعيش فقط، ليعيش بأدنى مستويات المعيشة، لكننا لن نيأس، وسننتظر الرسالة التي تقول إن لنا أقرباء في أمريكا اللاتينية، ماتوا وتركوا لنا وصياتهم، والتي غالباً هي ديون ماتوا قبل سدادها.
كل عام وأنتم بخير.. وسامحونا