التنف ورسائل بالنار

للمرة الثانية وبأقل من أسبوعين تم قصف قاعدة التنف الأمريكية بعدد من المسيّرات ما أحدث رعباً في صفوف العسكريين الأمريكيين وسبّب قلقاً متزايداً لدى قادة البنتاغون حول مصير قاعدة المحتل الأمريكي في سورية الذي جعل إقامتها في منطقة استراتيجية ضمن المثلث السوري العراقي الأردني، وعلى مساحة تجاوزت الخمسين كيلو متراً مربعاً ولم يتوقع أن يجرؤ أحد على مهاجمتها بعد أن حصّنها تحصيناً عسكرياً شديداً .
وبغض النظر عن حجم الخسائر المادية والبشرية من جراء الهجوم الأول و الثاني فإن تكرار دوي انفجارات ضخمة في قلب هذه القاعدة المحصّنة وحالة الذعر والهلع التي شكّلها هذا الاختراق تشير إلى أن الاحتلال الأمريكي مهما كانت سطوته وإمكاناته غير قادرٍ على منع المقاومة من الوصول إليه في عقر قلاعه وكسر هيبته ومهابته والنيل من قوته وإرسال رسائل بالنار لكي يدرك أن احتلاله أراضي الغير ليس قابلاً للاستمرار في أي حال من الأحوال وأن قيامه بالاعتداءات المتواصلة على قوى المقاومة لن يبقى من دون ردٍّ بل سيكون الرد جاهزاً في أي لحظة ولن يتأخر عن تحقيق الهدف .
لقد لعبت قاعدة التنف الأمريكية منذ إنشائها دوراً خطيراً في احتضان آلاف الإرهابيين ورعايتهم ودعمهم وتدريبهم ودفع مجموعات منهم بين الحين والآخر للقيام بأعمال إرهابية ضد حواجز الجيش العربي السوري في البادية وطريق تدمر- دير الزور، وتنطلق منها الطائرات الأمريكية العسكرية لقصف مناطق في الباغوز والبوكمال وشرق الفرات في عمليات تدمير وقتل الأطفال والأسر الآمنة بوحشية ممنهجة من دون رادع أو وازع كما تشكل هذه القاعدة غطاء دائماً لهجمات العدو الإسرائيلي على الأراضي السورية طوال الحرب الإرهابية، ومن هنا يطالب هذا العدو الإدارة الأمريكية بالإبقاء على قاعدة التنف ، وكذلك استمرار الوجود الأمريكي المحتل في سورية لإطالة الأزمة والحيلولة دون إعادة الإعمار فيها .
ولا يبدو حتى الآن أن إدارة بايدن حسمت أمرها بشأن الانسحاب من سورية طواعية وهي ما زالت مترددة ما يعني أن الرسائل بالنار ستتكرر على التنف وغير التنف من مناطق الاحتلال الأمريكي، وهي اللغة التي يفهمها المحتل الأمريكي جيداً وتجعل من قراره بالانسحاب غير بعيد، فالاحتلال زائل لا محالة مهما تعنّت المحتل أو تردد .
tu.saqr@gmail.com

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار