ارتفاع تكلفة شحن الحاوية بنسبة 600%.. الأسطول البري فقدَ 40%من معدات
التحدي الأساسي القدرة على الاستمرارية
أكد رئيس الاتحاد الدولي لشركات الشحن صالح كيشور في حديثه لـ«تشرين» أن تكلفة شحن حاوية واحدة سعة 40 قدماً قادمة من الصين ارتفعت من 2500 – 3000 دولار قبل عام 2019 إلى نحو 20 ألف دولار، أي ما نسبته 666%!
وبيّن كيشور أن السبب يعود إلى عدم توافر حاويات كافية للشحن إضافة إلى اختلال قيمة النفط عالمياً وتداعيات جائحة كورونا التي أثرت في حجم الصادرات من الصين إلى جميع أنحاء العالم، ليغدو نقص الحاويات تحدياً يعطل سلاسل التوريد على مدى الستة أشهر الماضية مما يضطرنا للجوء إلى المطارات المجاورة للشحن مثل مطار بيروت.
وأضاف: إن الأسطول البري السوري فقدَ خلال الحرب 40% من معداته، وبناء على ذلك قامت وزارة النقل بتخفيض عمر الشاحنات المستعملة إلى عشر سنوات لتعويض النقص في الأسطول استعداداً لإعادة الإعمار.
تسيء لسمعة المنتج
أضاف كيشور: حتى التبادل التجاري البري لم يخل من المعوقات لاسيما بعد فتح المعابر الحدودية مع الأردن الذي سمح لرعاياه وشاحناته بالدخول إلى الأراضي السورية بكل سهولة، ولكن للأسف ليس هناك تعامل بالمثل مما استلزم على الشاحنات السورية تفريغ حمولتها ونقلها إلى شاحنات بلد المصدر إليه، ما يعرض البضائع السورية للتخريب وتلف أغلفتها، إضافة إلى تشويه سمعة المنتج السوري.
هذا ما أكده التاجر مجحم الحسين قائلاً: «في جميع أنحاء العالم تصل البضائع سليمة ومغلفة بإحكام إلا البضائع السورية تصل مشوهة المعالم وفاقدة الكثير من مواصفات الجودة التي تميزها عن غيرها بسبب سوء المعاملة على الحدود ونقل البضائع من شاحنة إلى أخرى، رغم أن بضاعتنا مرغوبة وبشدة من التجار العرب وخاصة العراق والأردن ويفضلونها عن غيرها من المنتجات.
قرية الشحن
في السياق ذاته بيّن رئيس الاتحاد الدولي لشركات الشحن أن هناك جهوداً مبذولة لاستكمال مشروع قرية الشحن بجانب مطار دمشق الدولي والذي توقف بسبب الحرب، هذا المشروع الذي يضمن حماية البضائع السورية من كل المخالفات ووصول السلع إلى السوق المستهدفة بالجودة والمواصفات العالمية التي تميزها ومعبأة ومغلفة بشكل محكم، ويسهم في خفض تكاليف الشحن الزائدة نتيجة نقل الحمولة بين الشاحنات، إضافة إلى اعتماد مشروع البوليصة الدولية الموحدة الصادرة عن منظمة «الفياتا» العالمية وهذه البوليصة هي الضمان الأمثل لقطاع الشحن، فهي وثيقة دولية تحفظ وتصون جميع الأطراف ابتداءً من المنتج الحقيقي والمصدر والشاحن والناقل وصولاً إلى المستورد، وكل واحد منهم على مسؤوليته حقيقة محتويات الشحنة، وأن عدم وجود هذه البوليصة يعرض الكثير من الشاحنين والمستوردين للمتسلقين على المهنة والمهربين بتحملهم مسؤولية بضائع ملغومة بسلع ممنوعة محلياً وعالمياً.
وتمت موافقة جميع الجهات المعنية على المشروع من وزارة النقل والاقتصاد وغرف التجارة وتوقف الملف في إدارة الجمارك العامة حتى تاريخ اليوم رغم المتابعة الحثيثة من قطاع الشحن وممثليه عن طريق وزارة النقل.
المدير التنفيذي للجمعية السورية للإمداد الوطني المحامي إلياس داوود تحدث عن مشكلات الشحن وبيّن أن مدة تأخير عبور الشاحنات السورية على الحدود مع دول الجوار من 30 – 35 يوماً، وهذا رقم لا يستهان به في نظام التجارة العالمية. إضافة إلى نسبة التلف والتخريب التي تطول البضائع السورية، ما يعود بالخسائر الكبيرة على التاجر، وزيادة في تكلفة الشحن التي هي مرتفعة بالأصل وتفوق سعر السلعة أحياناً، موضحاً أن التخطيط الاستراتيجي المسبق للشحن من أكثر الطرق فاعلية لمكافحة معدلات الشحن المرتفعة.
وأضاف داوود: إن هنالك نقصاً كبيراً في الخدمات اللوجستية وفي الرؤية والشفافية من الجهات المعنية، لذلك فإن إعادة ابتكار العمليات المشتركة وتنفيذ التقنيات التعاونية يمكن أن تزيد من الكفاءة وتقلل من التكاليف إلى جانب المرونة في التعامل مع المعوقات.
فهد عرايشي صاحب شركة نقل داخلي أكد أن تكلفة النقل لسيارة واحدة فقط من حلب إلى دمشق تصل إلى (مليون ونصف المليون)، أما وصول سيارة شحن ذات حمولة متوسطة إلى الحدود الأردنية فيحتاج إلى أربعة ملايين ليرة ثمن مازوت فقط (100 ليتر بسعر 3500 ليرة)، ناهيك عن الخسائر الكبيرة نتيجة نقل الحمولة إلى شاحنة بلد المصدر، إضافة إلى التأخير في استلام الأموال من البنك إلى 8 أيام تطبيقاً لقرار الودائع رقم (1071).
وناشد الجهات المعنية العمل على أن تصل بضاعته سليمة وكاملة وأن يحصل على المحروقات بسعرها النظامي الذي أقرته وزارة التجارة الداخلية مؤخراً (1700 ليرة) لليتر الواحد، لأن هذا سيخفض التكلفة إلى النصف.
بينما أكد عضو مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق محمد أكرم الحلاق أن ارتفاع أسعار الشحن سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار بالنسبة للمستهلك ما لم يتم إيجاد حلول ممكنة، موضحاً أن ارتفاع أسعار الشحن انعكس على الصناعة والإنتاجية من خلال نقص المواد الأولية الداخلة في عملية الإنتاج، إضافة إلى ارتفاع أسعار الطاقة والمحروقات وقلة اليد العاملة وارتفاع أجورها، وبالطرف المقابل ضعف في القدرة الشرائية لدى المستهلك ما أدى إلى اختلال في توازن العرض والطلب، وغدا الصناعي اليوم يضحي بنسبة ربحه كي يحافظ على التنافسية في الأسواق وبالتالي هذا أدى إلى فقد السلع من السوق وارتفاع سعرها.
وأضاف: رغم الطلب الكبير على المنتج السوري في الأسواق الخارجية إلا أن المشكلة الأساسية هي القدرة على الاستمرارية نتيجة انقطاع الكهرباء وأزمة المحروقات وتكاليف الإنتاج والشحن الكبيرة، ما أدى إلى ضعف تلبية الطلبات، منوهاً إلى أهمية دعم القطاع المصرفي وزيادة قدراته وموثوقيته لدى العملاء لجذب المستثمرين ورجال الأعمال.