بمشاركة نائب وزير الخارجية والمغتربين الدكتور بشار الجعفري نظم المعهد الدبلوماسي في وزارة الخارجية والمغتربين اليوم عرضا قدمه الكاتب الأسترالي وأستاذ العلوم السياسية في جامعة سيدني البروفيسور تيم أندرسون حول كتابيه بروباغندا الحرب القذرة على سورية ومحور المقاومة في الشرق الأوسط.
وفي مستهل العرض أكد الدكتور الجعفري في كلمة له أن البروفيسور اندرسون جاء من دولة غربية متخصصة في العلاقات الدولية وكتب عام 2016 كتابا من 240 صفحة حول الحرب القذرة على سورية أتبعه بكتاب اخر عام 2020 من 445 صفحة سماه “محور المقاومة في الشرق الأوسط” أثبت فيهما أن ما يدعى بـ “العقوبات والتدخل الإنساني وحماية المدنيين” هو مجرد ألفاظ لإعادة تقديم الاستعمار بأسلوب جديد وهو ما دعاه أندرسون آنذاك بـ “الاستعمار الجديد”.
ولفت الدكتور الجعفري إلى أن الدعم الذي قدمه البروفيسور اندرسون لسورية لم يكن محصورا فقط بفترة الحرب الإرهابية التي بدأت منذ عام 2011 وحتى الآن ولكنه في هذا التاريخ كان من أوائل المحذرين من خطر الانجرار وراء المصطلحات مثل مصطلحي الربيع العربي والثورة الشعبية والشعارات المضللة الأخرى التي بدئ الترويج لها في تونس مطلع عام 2011 وهو مدافع قوي عن الفلسطينيين ولديه مواقف مشرفة بهذا الشأن وقد دفع ثمن ذلك حيث تم إيقافه عن التدريس في الجامعة حيث كان يدرس عام 2019 وذلك لمجرد أنه حمل صورة للعلم الصهيوني وعليه إشارة النازية.
وحول ازدواجية المعايير التي تتعامل بها الدول الغربية أوضح الدكتور الجعفري أنه فقط في سورية مسموح وجود معارضة معتدلة ومسلحة أما في فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة فهذا الأمر غير مسموح وتحت هذه الذريعة تم فرض عقوبات اقتصادية غير قانونية على سورية علما أن هذه العقوبات حسب الأمم المتحدة غير قانونية حيث تصدر اللجنة الثانية بالجمعية العامة للأمم المتحدة كل عام قرارا يرفض العقوبات ويعتبرها غير قانونية وهذا الصوت هو ما ندعوه بالشرعية الدولية.
وأشار الدكتور الجعفري إلى أن الأزمة في سورية رافقها ظهور أيقونات فكرية وثقافية صديقة لسورية وشعبها ودافعت عن سورية مثل البروفيسور اندرسون والسيناتور الأميركي ريتشارد بلاك والناشطة المدونة البريطانية فانيسا بيلي والسفير الفرنسي السابق ميشيل رامبو والناشطة المكسيكية الأميركية كارلا استيا ومجموعة السلام الأميركية وأبرز أعضائها باربرا لي وجيمس جاكسون وجوس نيو اولد وألس فارمر وليزلي كيغانت ولا ننسى أيضا البروفيسور إيان هندرسون المحقق السابق في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية وخوسيه البستاني المدير التنفيذي السابق لهذه المنظمة والصحفي الأميركي آرون ماتييه والكاتب والصحفي البريطاني باتريك سيل والعديد من البرلمانيين الأوروبيين.
وفي العرض الذي قدمه تحت عنوان “عقوبات أم حرب حصار” شرح البروفيسور أندرسون المعنى الحقيقي لمصطلحات الحرب الهجينة والحرب الاقتصادية كعقوبات ومواجهة حرب الحصار معتبرا أن تراجع القوة الاقتصادية النسبية لواشنطن دفعها لإطلاق سلسلة من الحروب الهجينة في محاولة للحفاظ على مكانتها ونفوذها وهيمنتها في العالم.
وأشار أندرسون إلى أن التدابير القسرية الأحادية التي تتخذها واشنطن تحت مسمى عقوبات “غير قانونية” لأن القانون الدولي يحظر الإكراه الاقتصادي من خلال مبدأ عدم التدخل الضمني في ميثاق الامم المتحدة و”غير شرعية” لوجود النية غير القانونية وهي الإضرار باقتصاد دولة أخرى وحقوق دول الطرف الثالث بغرض الإكراه السياسي كما أنها تنتهك الأعراف والمعاهدات الدولية الناظمة لعمل منظمة التجارة العالمية وغيرها.
وتعد ما تسمى “العقوبات” المترافقة مع الحصار البري والبحري والحروب الدعائية والتي تهدف لتغيير نظام الحكم “شكلا من أشكال الحصار” وفقا لما أوضحه أندرسون لافتا إلى أن من الأمثلة المعاصرة على ذلك الحروب الاقتصادية ضد سورية وكوبا وإيران ونيكاراغوا وفنزويلا واليمن وذلك يتشابه مع “العقوبات الجزئية” على مجموعات المقاومة في العراق ولبنان والتي تجسد المعنى الحقيقي للإكراه السياسي بهدف الحد من نفوذ هذه المجموعات.
وردا على أسئلة المشاركين في العرض أوضح البروفيسور أندرسون أهمية التفريق بين ما تسميه الولايات المتحدة وحلفاؤها العقوبات وحرب الحصار المفروضين على سورية واللذين يهدفان في الوقت ذاته لإخضاع سورية وغيرها من الدول المستقلة ذات السيادة مؤكدا عدم شرعية الحروب الاقتصادية الأميركية ضد دول العالم المستقلة ومخالفتها لجميع القوانين والمواثيق الدولية.
ودعا البروفيسور أندرسون إلى تعزيز الحملات الإعلامية الرامية إلى تعريف الرأي العام الغربي بكل موضوعية بحجم وأبعاد حرب الحصار التي تشن ضد سورية وما يرافقها من حملات دعائية معادية تضم كما كبيرا من المعلومات والحيثيات والمفاهيم الخاطئة التي تروج لها الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون لتنفيذ مشاريعهم وأجنداتهم ضد سورية.
وردا على سؤال لـ سانا حول مدى شدة التدابير القسرية أحادية الجانب المفروضة على سورية مقارنة بغيرها من الدول أوضح أندرسون أن العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة والدول الحليفة لها على سورية حسب الدراسة التي أجراها أقسى وأشد من العقوبات المفروضة على كوبا سابقا وحاليا وذلك لأن الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي يشاركان معا بالعقوبات ضد سورية بينما لم تكن هناك مشاركة من الأوروبيين في العقوبات ضد كوبا مؤكدا أنه يجب أيضا عدم نسيان العقوبات المفروضة ضد فلسطين وكذلك اليمن الذي يعاني وضعا مأساويا اليوم.
وتتضح أهمية الكتابين (بروباغندا الحرب القذرة على سورية) و(محور المقاومة في الشرق الأوسط) وفق ما أفاد به أندرسون في تصريح للصحفيين من خلال توجيه الدعوة لأصحاب الضمائر الحية حول العالم للاطلاع على مدى قسوة حرب الحصار التي تشن ضد سورية مبينا أن هناك العديد من الوكالات التابعة للأمم المتحدة التي تحاول إدانة هذا الحصار وبالتالي كلما ازداد عدد الأشخاص الذين يرفعون صوتهم تضامنا مع سورية كان الوضع أفضل.
وكان البروفيسور أندرسون اختتم منذ أيام حفلات توقيع كتابيه بروباغندا الحرب القذرة على سورية ومحور المقاومة في الشرق الأوسط وذلك في معرض الكتاب السوري الذي استضافته مكتبة الأسد الوطنية بدمشق على مدى 12 يوما.