فئة مظلومة ..!
نلتقي يومياً بزملاء عمل أو معارف أثناء فترة خدمة العلم وسنوات الدراسة بمختلف مراحلها الإعدادية والثانوية والجامعية، وحين نسألهم عن أحوالهم يكون الجواب المشترك بين معظمهم أنهم يضمون ما تيسر من سنوات خدمتهم في المؤسسات العامة لعلهم يقتربون من سن التقاعد التام أو المبكر.. ولكن بعد سؤالهم: إلى أين «الهروب»؟ ترتسم «الصفنة» داخل العقول، ويذهب التفكير إلى وضع «الشرود» وتسيطر حالة «اليأس» على الوجوه!.
سؤال يطرق تفكير جميع العاملين في القطاع العام وحتى الخاص المحلي بعد ثلاثة عقود قضوها في الخدمة العامة والعمل الشاق وأحياناً الخطر في بعض مجالاته.. ماذا بعد التقاعد الوظيفي؟.
بالطبع ليس الهدف من طرح هذا السؤال تقليب مواجع المتقاعدين التي وصلت حالتهم اليوم إلى ملامح «الموت البطيء» من كثرة المعاناة الصحية والنفسية والاجتماعية والمادية والعائلية.. إلخ، بل نريد من وراء هذا الطرح فتح «نافذة» للتفكير المجتمعي والرسمي بشؤون هذه الفئة من «المجاهدين القدماء» على صعيدين:
الأول: الاستفادة من معارفهم وخبراتهم النظرية والعملية عبر تشكيل فرق عمل تضم ذوي الاختصاص الواحد منهم وضمّهم في إطار مؤسساتي رسمي أو أهلي «نادٍ، هيئة، تجمع..» يمكن للجهات العامة أو الخاصة التواصل معهم كفريق وطرح المشكلات والمعوقات وخطط العمل عليهم والاستفادة من تجاربهم أو خبراتهم من أجل اقتراح الحلول المناسبة لها، على أن يتم تخصيص مكافآت مجزية للفريق الذي تكون حلوله ناجعة وأسفرت عن معالجة المشكلة الخدمية أو الاقتصادية وحتى الإنسانية من جذورها.
الثاني: تحسين مستوى معيشة المتقاعدين وتعديل القوانين والإجراءات المؤسساتية بحيث تتغير النظرة العامة إليهم كـ«عالة على المجتمع»، خاصة أن معظم المتقاعدين لديهم عائلات فيها أبناء على مقاعد الدراسة الثانوية أو الجامعية.. ولمعلوماتكم أن تكاليف الطالب لا يقوى على تأمينها من هم على رأس عملهم فكيف هي حال المتقاعد؟ وطبعاً إخراج الطالب من المدرسة أو الجامعة لعدم قدرة الأب على دفع تكاليف الاستمرار فيها لا يرضي أحداً، ولذلك من واجب المؤسسات المالية والاجتماعية أن تدرس جيداً مقترحات الاهتمام بفئة المتقاعدين والإسراع بتنفيذها بالشكل الذي يليق بتاريخهم الوظيفي والأسري والإنساني أيضاً.