تباشير الانفتاح الاقتصادي
لدينا الموقع الجغرافي المميز وسط العالم .. ولدينا الموارد الطبيعية .. ولدينا الحضارة التي تعود لآلاف السنوات.. إلخ، كلها ميزات نحسد عليها، ولكن الأهم كيف نستثمرها لتكون رافعة للاقتصاد الوطني ومدخلاً كافياً لتحسين المستوى المعيشي للمواطن؟
الواضح أن الانفتاح الاقتصادي قادم؛ وربما بدأت تباشيره تظهر بعد استئناف العمل في معبر نصيب الحدودي مع الأردن، وما سبقه من لقاءات مكثفة لوفود أجنبية وعربية اقتصادية واستثمارية جرت في دمشق وخارجها، واليوم المشاركة الواسعة للشركات السورية في معرض “اكسبو دبي”، ولاحقاً يوجد على الأجندة السورية المزيد من هذه الزيارات واللقاءات والمشاركات؛ التي لا شك في أنها ستفضي إلى الكثير من التفاهمات والاتفاقيات والمشروعات المشتركة والثنائية .. فهل مؤسساتنا العامة والخاصة جاهزة بكل ما تعني الكلمة من معنى لاستقبال هذا الانفتاح؟ .. بمعنى؛ هل نحن جاهزون على مستوى الخريطة الاستثمارية وجاراتها السياحية والتنموية والاقتصادية.. وأيضاً على مستوى بيئة الأعمال والتجارة ومستلزمات الإنتاج ومقومات التسويق ونظم الإدارة الرشيدة والحوكمة؟.. والأهم مدى جاهزيتنا على مستوى الكوادر البشرية داخل المعامل وخلف المكاتب والنوافذ الواحدة والمتوحدة، في المطارات وعبر المنافذ الحدودية، في المصارف ومراكز خدمات المواطن .. هل تم تأهيل هذه الكوادر وتدريبها وتحسين مداخيلها لتكون يداً بيد تدفع هذا الانفتاح إلى الأمام راضية ومقتنعة بأن إنجاز كل مشروع استثماري أو تنموي يعود إليها ولعائلاتها بالمنفعة والفائدة، وكل عملية تصدير أو استيراد تتم هي لمصلحة جميع المواطنين، وكل اتفاقية اقتصادية توقّع سيكون لها أثٌر إيجابيٌ على مستوى تحسين الواقع الخدمي وبناء منشآت صناعية وسياحية وتنموية تستوعب آلاف الباحثين عن فرص عمل؟! .. خاصة أنّ في ذاكرة المواطن الكثير من الأوجاع التي ساقها الانفتاح الاقتصادي مطلع القرن الحالي من نشوء إمبراطوريات مالية، وتكدس للثروات في أيادي قلة من المستفيدين على حساب الكثيرين من دون أن “ينالهم من الجمل أذنه”.
لذلك نقول: إن الحديث عن انفتاح اقتصادي قادم من دون تهيئة الأرضية المتكاملة للتحكم باتجاهاته ومساراته وفق المصلحة الوطنية العامة والعليا ستكون النتائج كما قال الشاعر “تجري الرياح بما لاتشتهي السفن ..”، وهذا لن يرضي المواطن للمرة الثانية ..!