«بوند».. والاستثمار الثقافي !

قبل حوالي الشهر جاء خبر استحواذ عملاق التجارة الأميركي «أمازون» على امتياز أفلام جيمس بوند ليعكس مدى استمرار نجاح أفلام هذه الشخصية و تحقيقها الأرباح ما دفع أكبر الشركات في أميركا والعالم لشراء امتيازها فما معنى مثل هذا الاستحواذ خاصة من ناحية الاستثمار الثقافي و صناعة العقول.
الحكاية بدأت من خمسينيات القرن العشرين عندما تم إنتاج فيلم عن العميل 007 . و هذا العميل المخابراتي استلهم من شخصية بريطانية حقيقية- رجل أعمال بريطاني كان صديقاً لرئيس الوزراء تشرشل ساهم من خلال علاقاته في إقناع أميركا بدخول الحرب إلى جانب الحلفاء ضد النازية و بسبب إتقان الفيلم وجودة الفن السينمائي الروائي المقدم فيه نجح الفيلم نجاحاً هائلاً، فقام منتجوه بتحويله من مجرد فيلم إلى شركة إنتاج أي إلى ( خط إنتاج مستمر)، و ليضمنوا استمرار نجاحه عدّوا الشخصية «بوند» أساس عائلتهم و بذلك أصبح لجيمس بوند عائلة تحرص على (جودته الفنية الفكرية) و هذا ما اشترطته هذه العائلة على شركة تجارة التجزئة « أمازون» التي اشترت الامتياز و احتفظت العائلة بمرجعيتها الحاكمة في قضية (الجودة الفنية و الفكرية ) و هذا ما سيضمن استمرار هذه الشخصية في تقديم أعمال ناجحة وفق تكوينها الأصلي .
برغم أهمية الحفاظ على مرجعية ( الجودة الفنية و الفكرية) و هذا ما سبق و تحدثت به إلا أنني اليوم أودّ أن أتحدث عن الاستثمار الثقافي الذي تقدمه أفلام هذه الشخصية فهي أولاً جيدة فنياً و جذابة و ممتعة، و الأفكار المقدمة من خلالها هي أيضاً محبوكة بفنية عالية لتصبح جزءاً من الجودة الفنية و أساساً من الجاذبية، و بذلك فهي حققت عبر عشرات السنين و الأفلام عوائد و أرباحاً عالية كما أنها حققت نشر و ترويج الأفكار التي تريدها.
من جهة الأرباح، فإن سعي أمازون لشراء امتيازها هو أكبر دليل على مدى ما تحققه من عوائد مالية و أرباح، أما الأفكار فإن كل ما قدمته هذه الشخصية من أفلام روج لتفوق الغرب و عبقرية الفرد الغربي و تميز التقنيات و الاختراعات الغربية، إضافة لحرصه على شيطنة كل العوالم المختلفة عن الغرب الليبرالي الاستعماري و هكذا فإن أفلام جيمس بوند كانت استثماراً مربحاً عبر الجودة الفنية و كانت عملاً ثقافياً موظفاً لخدمة مشروع الغرب من حيث ترويج تفوق الغرب و شيطنة الآخرين .
صحيح هي تجربة أنجزتها جهات معادية لكنها درس في الاستثمار الثقافي الذي يشترط لنجاحه دوام الجودة الفنية و استمرار الإبداعية و الجاذبية و تقديم الأفكار من ضمن الإسلوبية الجاذبة… و مادمنا نتحدث كثيراً عن الاستثمار الثقافي فلماذا لا ندرس التجارب الناجحة و نتعلم منها ؟؟؟!!

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
"عقارب الصافي" ومعاناة مزمنة مع مياه الشرب.. الدور كل شهر مرة و لنصف ساعة فقط..وشراء المياه أرهق الأهالي في دورته الأولى.. فيلمان سوريان في مهرجان الفيوم السينمائي صناعة محتوى منافس خاص بقضايا الطفولة والأسرة في ورشة عمل لصحفيي حمص عدد من سكان أحياء القامشلي بلا مياه السفير الضحّاك: عجز مجلس الأمن عن النهوض بمسؤولياته شجع الاحتلال على مواصلة اعتداءاته صباغ يبحث مع قاليباف تعزيز العلاقات الثنائية بين سورية وإيران بسبب عطل بجوار سد الفرات.. انقطاع التيار الكهربائي عن الحسكة أولى جلسات الحوار "التمويني" تنطلق في اللاذقية  والعين على قوانين عصرية تسهّل التعامل بين المواطن والتاجر الجلالي يترأس اجتماعاً للجنة الاقتصادية لبحث واقع الشركات المساهمة والصعوبات التي تعترض مسار إحداثها وتشغيلها مجلس الشعب يقر مشروع قانون تعيين الخريجين الأوائل ببعض الكليات في وزارة التربية ويمنح ‏الإذن بالملاحقة القضائية لثلاثة من أعضائه