عقدت الجمعية العامة للأمم المتحدة اليوم اجتماعاً رفيع المستوى للاحتفال بالذكرى السنوية العشرين لاعتماد إعلان وبرنامج عمل ديربان المعنيين بالعنصرية والتمييز العنصري وكره الأجانب وغيرها من أشكال التعصب ذات الصلة.
وأدلى كل من رئيس الجمعية العامة في دورتها الـ 76 والأمين العام للأمم المتحدة والمفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان ورئيس جنوب إفريقيا ببيانات شددوا فيها على أهمية الإعلان وبرنامج عمله.
وألقى الدكتور بشار الجعفري نائب وزير الخارجية والمغتربين بيان الجمهورية العربية السورية الذي أكد فيه أن وفد سورية يرحب بعقد هذا المؤتمر العالمي الذي يعد حدثاً بارزاً في النضال لتحسين حياة ملايين البشر من ضحايا التمييز والتعصب في مختلف أنحاء العالم.
واعتمد إعلان وبرنامج عمل ديربان وبتوافق الآراء بعد سلسلة واسعة من المناقشات التي شارك فيها وفد سورية بفعالية وحسن نية وشكل أرضية جديدة وإطاراً جديداً مهماً لتوجيه الحكومات وغيرها من أصحاب المصلحة في جهودها لمكافحة العنصرية والتمييز العنصري.
وأوضح الجعفري أنه وفي حين تم إحراز تقدم منذ عام 2001 فإن هناك حاجة مستمرة لإرادة سياسية حقيقية للتنفيذ الملتزم للإعلان وبرنامج عمله اللذين يشملان تدابير بعيدة المدى لمكافحة العنصرية بجميع مظاهرها بما في ذلك تعزيز التعليم ومكافحة الفقر وتحقيق التنمية وتحسين سبل العلاج والموارد لضحايا العنصرية ودعم احترام سيادة القانون وحقوق الإنسان.
ولفت الجعفري إلى أن الفترة الأخيرة شهدت تصاعداً مضطرداً في حدة الخطابات القومية الشعبوية وإيديولوجيات التفوق العنصري المتطرفة في بعض الدول مشيرا إلى أنه وفي خضم حالة الطوارئ العالمية المتمثلة بتفشي جائحة “كوفيد19” أطلق العنان لموجة تسونامي من كراهية الأجانب والتعصب والتضليل والإسلاموفوبيا وتشويه سمعة فئات الضحايا التي حددها إعلان وبرنامج عمل ديربان كالمهاجرين واللاجئين والأشخاص المنحدرين من أصول أفريقية وآسيوية في ضوء تسييس البعض لفيروس كورونا في إشارة لتسمية الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب للفيروس بـ “الصيني” ومحاولة توظيفه لغايات تتنافى وأهداف إعلان وبرنامج عمل ديربان.
وتابع الجعفري: “وفي سياق استمرار سياساتها المعادية لسورية فقد دأب الحزب التركي الحاكم مع مجموعة من الأحزاب السياسية التركية المؤيدة له وغيرها في بعض الدول الغربية على تغذية مشاعر العداء ضد اللاجئين السوريين منذ بضع سنوات حيث تعرضوا للأذية الجسدية وتعرضت ممتلكاتهم للتخريب والحرق وأصبحوا ورقة رابحة استغلتها تلك الأحزاب من أجل تحقيق مكاسب سياسية وكسب المزيد من الأصوات في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية وتحول اللاجئون السوريون في هذه الخلافات إلى وقود حرب سياسية بين الأطراف الدولية من خلال استغلالهم كورقة ابتزاز سياسي رخيص للضغط على الاتحاد الأوروبي”.
وشدد نائب وزير الخارجية والمغتربين على أهمية إزالة العقبات التي تعترض إعمال حق الشعوب في تقرير المصير ولا سيما الشعوب التي تخضع للهيمنة الاستعمارية أو غير ذلك من أشكال الهيمنة الخارجية أو الاحتلال الأجنبي التي تخلف آثاراً سلبية في تنميتها الاجتماعية والاقتصادية.
وأشار الجعفري في هذا السياق إلى استمرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي بسياساتها العنصرية والتمييزية ضد المواطنين السوريين في الجولان السوري المحتل عبر انتهاك حقهم في تقرير المصير وحقوقهم المشروعة كاملة وخاصة الحق في الحياة والعمل والصحة والتعليم والتنقل والملكية والعيش بمستوى لائق بينما لا يزال الفلسطينيون يرزحون تحت نير الاحتلال الإسرائيلي لأرضهم ويتعرضون لأقصى ممارسات التمييز والعنصرية وعلينا ألا ننسى أن فلسطين المحتلة هي آخر بقعة على الأرض تطبق فيها تلك السياسات بعد سقوط مشروع الأبارتايد في جنوب إفريقيا.
وشدد الجعفري على أن للدول التي عانت من تلك المشاريع الاستعمارية الاستيطانية وخاصة الدول الإفريقية كامل الحق في مطالبة حكومات تلك الدول التي كانت تتبنى هذه المشاريع التمييزية بدفع تعويضات مناسبة عن حقبة الآلام والنهب والقتل التي طالتها على مدى قرون من الزمن.
وأكد الجعفري أن ممارسة الشركات الأوروبية سياسة خطف الملايين من أبناء القارة الإفريقية ونقلهم إلى القارة الأمريكية لا تزال قائمة حتى الآن وتنشط بشكل اعتيادي بعيداً عن مساءلتها على الجرائم التي ارتكبتها بحق الإنسانية ولم يصدر عنها أي اعتذار عما اقترفته من سفك للدماء وخطف للملايين.
واعتبر الجعفري أنه كان في تدمير تماثيل تجار العبودية في بعض الولايات الأمريكية إثر قتل الشرطة الأمريكية للمواطن الأمريكي جورج فلويد رسالة واضحة مفادها أن الذاكرة لا تموت وأن الحق بمكافحة رموز العبودية لا يموت أيضاً.
وختم الجعفري بالقول: “تمثل العنصرية والتمييز العنصري وكراهية الأجانب وما يتصل بذلك من تعصب آفة عالمية خطيرة تؤثر بشكل سلبي عميق على التمتع بحقوق الإنسان وتستلزم استجابة موحدة وشاملة من المجتمع الدولي” مؤكداً أن سورية ملتزمة ببذل كل الجهود الواجب إيلاؤها للقضاء على هذه الآفة وتدعو لتوفير ما يلزم من إرادة سياسية وتعاون دولي على جميع الأصعدة من أجل معالجة جميع أشكال ومظاهر العنصرية وذلك في سبيل تنفيذ إعلان وبرنامج عمل ديربان.