أسعار لا مدرسية ..!
ملايين الحقائب والدفاتر والأقلام والبنطلونات والقمصان والصدريات وملحقاتها من قبعات وفولارات التي تشتريها العائلات خلال أيام لزوم أولادهم في العام الدراسي القادم.
الجميع في الأسواق يتسابق لسرقة نصيبه من جيوب الأهالي في هذا الموسم .. في دكاكين الخضار ترى الدفاتر والأقلام تباع جنباً إلى جنب صناديق البطاطا والبندورة والخيار .. وفي محلات الألبسة تزاح الماركات من الواجهات لتحل مكانها ألبسة الطلاب المدرسية .. وعلى الأرصفة الأولوية للقرطاسية .. وفي الأسواق الشعبية لا يختلف المشهد كثيراً فالحال من بعضه .. لمَ لا ؟ طالما السوق “داشرة” والحيتان لا تشبع والرقابة “مطنشة” .. وفي النهاية التعليم إلزامي ومجاني وعلى جميع الأهالي إرسال أولادهم إلى المقاعد الدراسية حاملين كامل المستلزمات المدرسية .. بمعنى على الجميع أن يدفع “مرغماً أخاك لا بطلاً ..” حتى لو كان سعر الحقيبة يوازي راتب موظف.
في هذه الظروف لابد من حل يرضي الأهالي وإدارات المدارس لأن واقع أسعار المستلزمات المدرسية لهذا الموسم فوق الطاقات المادية والمعنوية لمعظم المواطنين .. وإن كانوا لايزالون مؤمنين بمقولة “العلم نور والجهل ظلام ..” فهذا لا يتيح للتجار والمنتجين لهذه المستلزمات أن يسوقوا غرائزهم الاستغلالية والربحية أمامهم لحصد الأرباح التي يفرضها الواقع على قلة أخلاقهم المهنية غير آبهين بعلم ينفع الجميع وطلاب سوف يتخرجون بعد سنوات من الجامعات أطباء ومهندسين وصيادلة ومدرسين …إلخ ليدخلوا سوق العمل .. في القطاع العام أو الخاص .. لا فرق فالجميع بحاجة إلى أفكارهم ومبادراتهم في تطوير المؤسسات وتحسين الإنتاج .. المهم أن يساهموا في إعادة إعمار البلاد والنهوض بها نحو مستقبل أفضل.
نعم الجميع بحاجة إلى جيل المستقبل .. الجيل المتعلم والمتدرب .. لا الجيل الذي إذا ما استمر التضييق عليه مادياً أن يصبح بلا شهادات علمية .. همه الوحيد جمع المال باكراً لمساعدة عائلته ونفسه على استمرار الحياة رغم هذا الواقع المأساوي .. والجميع أصبح على علم بحجم عمالة الأطفال في كل المهن الخطرة وتلك التي تتطلب منهم فقط مدّ اليد لمسح زجاج السيارات أو قول “من مال الله”، وباعتقادي أن هذا الواقع لا يرضي الأهالي ولا المعنيين في التربية والشؤون الاجتماعية ولا حتى المجتمع الأهلي والإنساني.