قرصنة محتل

في جريمة لا تنقص أركانها، أو النيات المبيتة للقائمين عليها، أقدمت طائرات الاحتلال الأمريكي خلال الساعات القليلة الماضية على عملية إنزال جوي في بلدة جديد عكيدات بريف دير الزور واختطفت خلال مداهمتها البلدة عدداً من المدنيين واقتادتهم إلى جهة مجهولة.

تأتي هذه الجريمة، أو القرصنة، بعد حوالي عشرة أيام فقط من قيام قوة تابعة للاحتلال الأمريكي في الرابع عشر من الشهر الجاري بتنفيذ إنزال جوي عبر أربع طائرات في قرية محيميدة بريف دير الزور الغربي واختطاف مدني واقتياده إلى جهة مجهولة، وذلك بعد أن أقدمت على تدمير منزله بالكامل.

الحجة أو الذريعة بالنسبة لقوات الاحتلال، جاهزة أو معدة سلفاً، وهي، أي الحجج والمزاعم، بصرف النظر عن تفاصيلها، تعني المحتل وحده، ولا أحد بوارد محاججته، فهو محتل وغاز وسارق، يقوم بكل ما هو مخالف للقانون الدولي عبر الاعتداء السافر على حياة مواطنين آمنين في بلد ذي سيادة ومؤسس للأمم المتحدة.

وللعلم فقط، لا يكاد يمر يوم واحد أو عدة أيام على أبعد تقدير من دون أن نسمع عن اعتداءات أو عمليات خطف وسرقة للنفط السوري والمحاصيل الزراعية يرتكبها الأمريكيون وحلفاؤهم تحت مسمى مضلل هو “مكافحة الإرهاب” من دون أن نسمع عن سقوط إرهابي واحد. هذا ناهيك بالطبع عن عمليات حرق المحاصيل للتضييق على الدولة السورية.

لن نستفيض في تعداد الجرائم التي قام بها المحتل الأمريكي ومن يستظل بظله، يكفي أن نشير فقط إلى السرقة شبه اليومية للنفط والمنتجات الزراعية، ولعل في هذه السانحة يمكن أن نشير إلى ما قامت به الولايات المتحدة في الرقة من تدمير سيبقى شاهداً على الجرائم التي ارتكبتها في سورية، حيث تحولت الرقة إلى مدينة أنقاض، أما في تدمر فقد واكبت طائرات الاحتلال الأمريكي دخول” داعش” الإرهابي إلى المدينة الأثرية مرتين وفي كل مرة كانت “داعش” تدمر الكثير من الآثار في تلك المدينة العريقة وتقتل مدنيين أبرياء.

لا يختلف اثنان على أن جرائم الاختطاف وتدمير المنازل وتدمير مدن وقرى بأكملها هي جرائم حرب موصوفة حسب خبراء القانون الدولي، لأن ما سبق ذكره من ممارسات يندرج في إطار جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية كونها تتم من دون تفويض من مجلس الأمن الدولي وتستهدف مدنيين وتشكل اعتداء صارخاً على دولة مستقلة ذات سيادة عضو في الأمم المتحدة.

لقد قدمت سورية على مدى السنوات الماضية عشرات الرسائل إلى مجلس الأمن والأمم المتحدة توثق جرائم الاحتلال الأمريكي، ولم تلق المطالبات السورية المتكررة بإنشاء آلية دولية للتحقيق في هذه الجرائم آذاناً مصغية، الأمر الذي يفرض على الأمين العام اتخاذ إجراءات ومواقف واضحة لا لبس فيها وفقاً للمهمة الأممية المنوطة به، واتخاذ الإجراءات الفورية اللازمة بحق مرتكبي هذه الجرائم.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار