أرباح ع الورق ..!
المتابع لنتائج أعمال الشركات والمؤسسات العامة الشهرية والربعية ونصف السنوية وميزانياتها الختامية يلاحظ أن معظمها رابحٌ..!
أرباح بملايين ومليارات الليرات؛ تحسبها إدارات القطاع العام الصناعي شهرياً بالقلم والورقة وتوزعها على وسائل الإعلام تاركة للرأي العام أن يشاهد مدى الجهد الذي تبذله من أجل “زيادة الأسعار” على حساب كميات الإنتاج ونوعيته مادامت المبيعات كلها من “العب للجيبة” .. بمعنى؛ إن الإنتاج مقرون بالبيع .. ومعظم عقود الاستجرار – إن لم نقل كلها – تبرمها مع جهات عامة ولا تدور آلات معامل العام إلا لهذه الغاية؛ بدليل أنك لو بحثت ليلاً و نهاراً في الأسواق والمحلات ومنافذ البيع العامة والخاصة والمشتركة على مادة أو سلعة “عامة” لن تجدها إلا في صالات الشركة المصنعة لها؛ وفي هذه الحالة سعرها أغلى من مثيلاتها في السوق المجاورة .. أما عن الجودة فـ”حدّث ولا حرج” ..!
فعن أي أرباح تتحدث الشركات العامة ..؟
المال العام يربح من المال العام ..! عبارة لم نقرأها إلا في قواميس القطاع العام المحلي .. مع زيادة عليها أن الجميع متمسك بها ويبني حلم استمرارية وجوده على كرسي الإدارة بمدى ترويجها وإقناع الآخرين بها من أجل تصديق تقارير ربحيته “المفبركة” من دون سؤال أو محاسبة من قبل جهات المالية “الجبائية” أو “الرقابية” لا فرق، المهم أن يسأل أحدهم: كيف تربحون ..؟
سؤال آخر: هل يجوز أن تربح خزينة الدولة من أموالها ..؟ .. بمعنى هل يجوز أن يبيع التاجر نفسه سلعة هو صانعها ويسجل لنفسه من نفسه أرباحاً بعد حساب تكلفة إنتاج هذه السلعة؟
ربما تحصل في مكان ما من العالم ونحن نطبق التجربة ذاتها وأقنعنا المعنيين بها، وأصبحت هذه التجربة مع مرور السنوات قاعدة ونظام عمل لشركاتنا العامة، وعلى القطاع الخاص المحلي والأجنبي أن يستفيد منها ..!
الغريب بالأمر أن الكثير من الشركات الرابحة اليوم كانت خاسرة بالأمس رغم أن ظروف العمل والإنتاج والتسويق كانت أفضل بكثير ورواتب العمال وتعويضاتهم وحوافزهم كانت مقبولة أكثر من اليوم .. فمن أين جاءت هذه الأرباح ـ إن لم نقل الخسارات تحت عناوين الأرباح ـ لعلها معضلة تحتاج إلى مراكز أبحاث عالمية لفكفكة “شربكاتها” مع إننا لسنا من المرحبين بنشر الغسيل الوسخ ..!