قرارات «شلف» ..!
عندما لا يكون القرار الصادر مبنياً على تشاركية متبادلة بين الجهة التي اتخذته والمستفيدين منه سواءً كانوا مواطنين أو مؤسسات تكون النتائج مأسوية كالتي نراها اليوم في كثير من الحالات.
قرارات لا أثر لها على أرض الواقع لأنها لا تساوي الحبر الذي كتبت به، وقرارات تؤدي لافتعال المشكلات بين الناس، وقرارات لتضخيم الأزمات وزيادة الازدحامات أمام منافذ بيع مادة أساسية ما أو على مواقف السيارات وفي الشوارع والطرقات.. وفي جميع الحالات نقول: ليت هذه القرارات لم تصدر.. قبلها كان الوضع أقل سوءاً.
المشكلة المستعصية حتى الآن أن التراجع عن هذه القرارات «المأزومة» لا يتم بين ليلة وضحاها، كما أن تعديلها لا يحصل بالسرعة ذاتها التي صدرت بها؛ بل يتم الانتظار لفترة تجريب؛ بالتوازي مع تساهل واضح في التطبيق ما يفتح المجال أمام المخالفين لأن يسرحوا ويمرحوا في الأسواق والطرقات على حسب المساحات التي توفرها لهم قلة أخلاقهم من جهة، وغض نظر الجهات الرقابية من جهة أخرى.
وما «يزيد الطين بلة» الظهور الإعلامي للمعني بإعداد القرار وتصديره لا يختلف كثيراً عن حالة الهرج والمرج التي رافقت صدور القرار، وأفضل وصف لما يقوله أنه «فسر الماء بعد الجهد بالماء» مع إضافة عبارات أخرى يكررها باستمرار؛ «المواطن يعتاد على القرار .. وإذا ما اعتاد عليه ندرس إمكانية تعديله».. في محاولة لإظهار الأمر, وكأنه تجريب.. وأن القرار الذي صدر لم يخضع للدراسة والمناقشة ولا حتى لاستمذاج رأي عينة من المستفيدين منه فكانت هذه النتيجة الكارثية على أرض الواقع.
لهذا النوع من القرارات؛ إذا ما استمرت بعض الجهات العامة بتصديرها؛ انعكاسات سلبية تتجاوز مضامينها ومفاعيلها إلى مسارات أخرى تتعلق بتراجع ثقة المواطن بهذه المؤسسة أو تلك، وتوفر بيئة خصبة للمخالفين بفرض الأمر الواقع على المواطن والمؤسسة المشرفة على عمله؛ وتعويم أسعار مواد وأجور خدمات أعلى بكثير من الصادرة بالقرار الرسمي.. والأنكى من ذلك أن التعديلات اللاحقة للقرار تكون على مقاس المخالفين بمعنى؛ «وفق الأسعار الرائجة» ضاربة عرض الحائط بشكاوى المواطنين من «بلطجة» المخالفين؛ ومتجاوزة هيبة المؤسسة وبقية رصيدها من الثقة التي بنتها طوال سنوات أو عقود سابقة؛ لتقضي على آخر أمل في عزيمة المواطن على توجيه شكوى بحق المخالف..!