الثقة ..!
لا أعتقد أنّ من مصلحة أي مؤسسة عامة أو خاصة الوصول إلى حالة عدم الثقة مع المواطن؛ الذي تتعامل معه سواء أكان مستهلكاً أو راكباً أو مشتركاً في خدمة ما أو حتى مريضاً أو طالباً…إلخ، لأنّ الثقة أساس بناء المصالح بين المتعاملين جميعهم, وتالياً نجاح المؤسسة ككل.
وإذا لم يكن القائمون على هذه المؤسسة حريصين على بناء أواصر الثقة بإدارتها أولاً, وبمنتجاتها ثانياً؛ فلا أحد من المنافسين أو المتربصين بها؛ له مصلحة بأن تكون المؤسسة في أحسن أحوالها، بل على العكس ربما ينتهزون هذه الفرصة ويعدونها مناسبة للسعي إلى إفشالها وإخراجها إنتاجياً وتسويقياً من ساحة العمل، وأكثر الحالات التي تمت كان مصيرها الإغلاق تحت مسميات الدمج أو تحويلها إلى هيئات أو شركات، المهم محو أثرها أو تغيير اسمها؛ والذي كان سبباً في وصولها إلى حدِّ الخسارات المتوالية لسمعتها.
اليوم علينا أن نكون حذرين جداً من الغوص بتجارب الماضي، والتي تشكل بتفاصيلها دروساً لبعض الإدارات المترهلة والقصيرة النظر عن تلمس القاع المنحدرة إليه؛ من دون أن تحرك ساكناً أو تطلب المشورة؛ لتنفيذ استدارة كاملة وقبل فوات الأوان؛ لإنقاذ المؤسسة من مآل محتوم سيجلب الخراب إليها في القريب العاجل.
هنا تظهر مهارات الإدارة الناجحة في ابتكار الحلول المتكاملة؛ وتنفيذها في الوقت المناسب حتى لو كانت القرارات الصادرة من جهات أعلى تتضمن بعض الخلل أو كانت التوجيهات الشفهية لا تتواءم مع القوانين النافذة؛ ما يفرض على الإدارات أن تأخذ بالأسباب والنتائج لمصلحة المؤسسة والمتعاملين لا أن ترى في تلك التوجيهات, وفي ذلك الخلل حجة للتلطي وراءه من أجل إشعال فتيل الترهل والفوضى والتقصير في أداء المسؤوليات والواجبات التي تقود في نهاية المطاف إلى انعدام الثقة في المؤسسة والقائمين عليها.
في المقابل على الجهات المعنية إذا رأت هذه الحالات من عدم الثقة في بعض المؤسسات أن تبادر إلى محاصرة المشكلة لا الانتظار حتى تصبح ظاهرة عامة تصيب وزارة بكاملها؛ بحيث لم يعد ينفع معها سوى قلع الشجرة من جذورها, وهذا ما لا نتمناه مع وجود الكثير من المعنيين القادرين على اجتراح الحلول الناجعة قبل أن نصل إلى هذا المصير غير المرغوب.