قارب النجاة لا يكفي ..!
لا أتصوره إنساناً ضعيفاً ذلك الذي يقرر مواجهة البحر- بكل ما يخبئه من أخطار- على ظهر قارب من المطاط أو الخشب . لاشك في أنه يمتلك الكثير من الإرادة والشجاعة وروح المغامرة, ولطالما شعرت بالحزن والأسف وأنا أقرأ عن ضحايا الغرق ممن ابتلعهم البحر أمام أعين السفن المنقذة وضمائر الإنسانية الغافية عندما يتعلق الأمر بمركب للمهاجرين ؟!.
قبل أن تلقي اللوم على هؤلاء وهؤلاء.. لنفكر قليلاً ..؟ لو أن باخرة جنحت أو تعرضت لخطر الغرق بالقرب من الشواطىء الأوروبية لاستنفرت كل الأساطيل البحرية لإنقاذ القارب ومن فيه .. بدوافع إنسانية وسياسية وأخلاقية وغير ذلك.. لكن عندما يتعرض قارب يحمل المهاجرين للاعتداء من القراصنة والمقنعين بالقرب من تلك الشواطئ الأوروبية فإن العين لا تنظر والقلب يغفو والضمير يكون في إجازة والإنسانية تكون في منأى عن النفس.. ويغرق القارب بكل مَن فيه مِن شباب وأطفال ونساء يبتلعهم البحر ويغص بأمانيهم وأحلامهم الكبيرة التي لم تجد لها متنفساً على الشواطىء الرملية التي تنبعث من رمالها وصخورها روائح الفساد الكريهة ؟!.
ربما علينا أن نبحث وراء الأسباب التي تدفع شبابنا إلى تعاطي أحلام السفر.. هل هو البحث عن المال أو الإنجاز أو امتلاك أسباب الحياة الكريمة بعيداً عن ظروف الحرب والإرهاب والحصار والعقوبات التي تكبّل الأيدي وتمنعها من الحصول على الحاجات الضرورية للحياة ؟!.
يمكن أن نتفهم دواعي الغرب وخوفه من الهجرة ؟!.. لكن كيف يمكن أن نفهم ونحلل السبب في تلك الإجراءات الوحشية عبر العقوبات الأحادية والحصار والفوضى التي تمارس ضد مجتمعاتنا العربية وضد الشباب وضد الحياة ..لابد من فسحة أمل عبر تقديم تسهيلات للشباب للبدء بمشاريعهم الخاصة والشباب لا تنقصه الشجاعة والكفاءة والحماسة لتحمل المشاق في سبيل أن يصبح الحلم والمستقبل حقيقة .. علينا أن نحرص على كنوزنا البشرية وثروتنا التي لا تقدر بثمن.. إنهم الشباب.. واليوم هو الأنسب والأفضل لنعلمهم كيف يبنون قوارب نجاة في أوطانهم ونحميهم بالقوانين والتشريعات من رياح الفساد وأنانية أصحاب المصالح، فبلادهم وأوطانهم هي مستقبلهم ومستقبلنا والبحر المطل من ضفة الوطن أكثر أمناً وحناناً على شواطئنا.. فلا تبيعوا المستقبل بثمن بخس !.