«تأمين» درجة عاشرة!!
كعادته متجهم الوجه، عيناه جاحظتان وكأنه لم يعرف طعماً للنوم منذ أن لاحت تباشير أربعينية الصيف بارتفاعٍ للحرارة غير مسبوق على إيقاع تقنين كهربائي فرضه حصار اقتصادي جائر وإرهاب «قيصر» الأمريكي الذي طالت مفاعيله حصار الناس في أبسط مقومات العيش يفرضه الغرب على سورية تحت شعارات واهية من حقوق الإنسان والديمقراطية بذريعة حماية السوريين من دولتهم.
جاري أبو أسعد «النقاق» موظف مشترك بالتأمين الصحي عبثاً حاول أن يجد صيدلية متعاقدة بالتأمين ليحصل على الدواء بعد أن داخ السبع دوخات ليجد طبيباً مشتركاً بالتأمين، وجد ضالته في طبيب درجة عاشرة لمعاينته من وعكة صحية مفاجئة ألمت به – وفي غير مكانها – أمام متطلبات معيشته الخانقة .
معظم الصيدليات اعتذرت من أبي أسعد عن صرف (روشيتة الدواء) لكونها انسحبت من التعاقد مع التأمين الصحي بذريعة عدم صرف مستحقاتها من قبل شركات التأمين وكذلك معظم الأطباء تحت مقولة: « ما بتوفي معنا» نتيجة تقاعس الشركات و مزودي الخدمات الطبية عن الإيفاء بحقوق الصيادلة والأطباء والمخابر المتعاقدة مع التأمين. لكن مرض أبي أسعد لم يعتذر عن آلامه المبرحة ما دفعه لشراء الدواء على حسابه الخاص بأسعار كاوية زادت من آلامه وأوجاعه فرضها صيادلة كيفما اتفق مستغلين قرار رفع أسعاره الأخير.
مشتركو التأمين يا سادة باتوا متسولين على أبواب العيادات يعاملون على أنهم مرضى من الدرجة العاشرة لدى من تبقى من الأطباء المتعاقدين ينتظرون حتى ينتهي الطبيب من مرضاه الدسمين ومعاينتهم ومن ثم يعاين مرضى التأمين (بالجملة) وبما تبقى له من جهد استنزفه في علاج من يدفع “كاش”.
حال أبي أسعد «النقاق» حال الكثيرين من العاملين في الدولة المشتركين في التأمين الصحي يحملون بطاقة صحية كبقية البطاقات الأخرى الذكية التي لم تعد تتسع جيوب الناس لها يواجهها المصير ذاته في صعوبة الحصول على مزودي خدمات هذه البطاقات من الصراف المعطل دائماً إلى المازوت المؤجل مروراً بالمواد التموينية المدعومة و(هلمّ جرّا) ..ألم يحن الوقت بعد لتسهيل عمل هذه البطاقات وإلى متى سيبقى «قيصر» الجائر يشمت بنا وينال منا؟ أليس حرياً بالمعنيين خنق «قيصر» ومحاصرته بإدارة فاعلة للموارد وإعادة تدوير الموجود منها بما يضمن وصولها للمستحقين وما أكثرهم ممن حاصرهم «قيصر» وشاركه بذلك أحمد وحسن ومحمود وغيرهم ممن يستغلون «قيصر» ويؤازرونه من الداخل .