التعلّق بأذيال المتسولين

تفاءلوا بالخير تجدوه.. أحياناً يضيق بنا الحال فنشعر باكتئاب خفيف بسبب الخواء الثقافي، الذي يجعلنا في حالة من الملل والوهن وقد يقودنا الى نوع من الشعور بالتوتر والغضب لأسباب غير مستحقة للغضب، لكن البحث عن ثقافة الجمال داخل أرواحنا وعقولنا وفي ما حولنا يكون هو الدواء العليل لتلك الحالة لنستعيد رضانا وهدوءنا وحماستنا.. وقد يرى البعض أن التكنولوجيا هي أحد أسباب الفقر الثقافي المؤدي لهذا التوتر والاكتئاب الخفي، لكن أيضاً ثمة من يعتقد أن التكنولوجيا حاضنة لجمال إلكتروني يحتاج أن نكتشفه.
فعلى سبيل المثال القراءة من الكتاب هي نوع من أنواع الجمال الذي يجلب الرضا والطمأنينة وقد يكون سبباً من أسباب السعادة وهذا يتعلق بالمحتوى إلى درجة كبيرة، لكن الظروف المعيشية وغيرها قد تجعل الحصول على الكتب المهمّة مكلفاً ومرهقاً وصعب المنال.. وفي حين نقول إن التكنولوجيا تتحمل وزر العديد من أنواع الاكتئاب إلا أن التكنولوجيا أيضاً قد تكون سبباً في استحضار الجمال، فالحصول على أهم الكتب الإلكترونية وتحميلها على جهاز الكمبيوتر أو «الموبايل» لا يتطلب إلا دقائق قليلة مع ميزة تكبير الحرف وحمل الكتاب داخل الهاتف المحمول إن أمكن إلى كل الأمكنة وفي كل الأزمنة، فالاكتئاب له علاقة أكثر كما يكون بفقر الأفكار والمبادرات والافتقار إلى حماسة البحث عن ثقافة الجمال والفائدة والمعرفة.
فالثقافة الحقيقية تكون بالزيادة لا النقصان وبالاختيار لا التقليد، ومسارها البحث عن المعارف والعلوم والفنون الأصيلة، وليس الاستغناء عما خبرناه يرتقي بنا واستبداله بمضامين لا همّ لها غير الاستعلاء والتكبر على الأمم الأخرى بميزان التقدم والتخلف وما هو إلا من صنيعتها.
إن ما يؤسف له أن كل ما نمارسه من حراك ثقافي يأتي من باب التقليد وعبر بوابات مشبوهة تحترف خداع العقول عبر عولمة ثقافتها وفنها لطمس ثقافات الشعوب وحضاراتها التي تخفي بين ثناياها حرباً ثقافية لطمس هويتنا وتشويه حضارتنا وتراثنا وقيمنا.
ولا يفهم بذلك أننا ننأى بثقافتنا عن الاستفادة من تجارب الحضارات الأخرى ومعارف العالم، وكيف نقع بهذا الغلط وأعداؤنا قبل أصدقائنا يقرّون بأن شمس العرب ذات يوم كانت تسطع على الغرب، ولا نزال نجد في كثير من ثقافاتهم القديمة والحديثة من روح وفكر وخلق ووعي وتجربة علمائنا وكتّابنا ومثقفينا. والحقيقة أن الثقافة النابعة من قيمنا وحضارتنا هي من يشرّع الأبواب أمام استثارة الإبداع واستنفار قوى النفس وخلق مجتمع يسمو بالأخلاق ويتربع على عرش الإنسانية.

 

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار