بين “ميركافا” و”مسيرات الأعلام”
تشكل “مسيرات الأعلام” داخل كيان الاحتلال الإسرائيلي ظاهرة جديدة، تكشف عن مدى الوهن والقلق الذي يعتري ما يسمى “الجبهة الداخلية” للكيان.
لغة جديدة تنطلق داخل الكيان غير معتادة، لا “جيش لا يقهر” ولا “قبة حديدية” تحمي ولا حتى “ميركافا”، مجرد مسيرات وشكاوي إلى مجلس الأمن بأنها الضحية، ضحية من نوع آخر.. نوع مدلل ومسموع من قبل من يسيطر على المنابر الدولية، وكان الحال قد قلب بالتدريج.. مسيرات وكلام وتنديد.. لا فعل بل استجداء للحماية.. “إسرائيل” في مكان آخر، حيث كان العرب أغلب العرب من قبل، حيث لا تنفع الشكوى.
التغير الجديد الذي جاء لمصلحة القضية الفلسطينية، لم يأتِ صدقة من الشرعية الدولية ولا من قوانينها غير الملزمة لـ”إسرائيل”، بل هو استنتاج للتجربة، منْ يملك الحق هو من يحافظ عليه ويسترده بالقوة.. لاشيء غير القوة، أي إن التغيير هو نتيجة لعوامل إسرائيلية داخلية- ذاتية وخارجية- موضوعية.
الداخلية نتيجة فساد حكام الكيان والصراعات السياسية التي طفت على السطح بين الأحزاب وخاصة بين اليمينية، إضافة للشعور المتزايد بأن الصهاينة وقعوا في الخديعة نتيجة لفقدانهم الأمن الذي كانوا يشعرون به في السابق، ويتجلى ذلك في إقدام المستوطنين على استرداد جنسياتهم الأصلية وخاصة الأوروبية والأمريكية، والخارجية وهي ثمرة لاجتهاد المقاومة والتي امتلكت بدعم من محور المقاومة عوامل الردع، الذي كشفته المقاومة، وخاصة في الحرب الأخيرة، التي مزقت بصواريخها “القبة الحديدية” التي كان يعول عليها الكيان معنوياً قبل أن تختبر عسكرياً.
وأيضاً لوسائل الإعلام دور لا يمكن تجاهله في تعريف الغرب بالحقيقة، حيث خرقت كل الضوابط التي وضعت للتعتيم على قضية فلسطين في الغرب، منذ أكثر من سبعة عقود، فقد خرجت تظاهرات في مدن غربية للتنديد بوحشية الكيان.. هذا خرق يسجل لوسائل الإعلام الحديثة.
أن يتبع نهج مخالف للقوة “ميركافا” ويستبدل بـ”المسيرات” في كيان الاحتلال وأن يظهر على أنه “الضحية” التي تحتاج إلى حماية، يعتبر كدليل ضعف على كيان تجبر واختبر كل القوة ضد سكان الأرض الأصليين، وكدليل على تذبذب الدعم الذي كان يتلقاه من حاضنته الغربية.. ولعل ذلك في صالح القضية والعرب– إن استطاعوا استخلاص العبر.