“انتقائية إنسانية” مرفوضة
أصداء قمة جنيف، لازالت تلقي بظلالها على المشهد العالمي وسط الحديث عن قليل من الإشارات الإيجابية والخطوط الحمراء، وخلافات، وقضايا تبقى عصية على الجانبين.
فيما خص الملف السوري، وكما كان متوقعاً فقد تجدد الموقف الأمريكي لجهة التركيز على ما يسمى “معابر” من دون التطرق إلى جوهر المشكلة والمتمثل في الاحتلال ودعم الإرهاب والحصار الظالم والعقوبات الأحادية الجانب.
كانت إشارة بايدن في مؤتمره الصحفي، تذهب بالاتجاه نفسه وقال: “الحاجة ملحة للحفاظ على الممرات الإنسانية وإعادة فتحها في سورية، حتى نتمكن من الحصول على الطعام، فقط الطعام البسيط والضروريات الأساسية للأشخاص الذين يتضورون جوعاً حتى الموت”.
إن قراءة ما بين السطور أو في مرامي الحديث الأمريكي تقود إلى الإشارة إلى أمر حضر قبل القمة وهو بدء العد التنازلي لصلاحية القرار الدولي (2533) الذي كان أقر لمدة سنة وينتهي في تموز المقبل، لاسيما مع إشاعة روسيا أنها سوف تعمل للتصويت ضد تمديد القرار المذكور، وذلك في مسعى روسي لكي تعمل الأمم المتحدة على إرسال مساعداتها عبر الحكومة السورية.
موقف موسكو، لا يتفق مع الرؤية الأمريكية التي كان عبر عنها وزير الخارجية أنتوني بلينكن، غير مرة، وقال في وقت سابق: “دعونا نعيد الترخيص للمعبرين الحدوديين الذين تم إغلاقهما (اليعربية مع العراق وباب السلامة مع تركيا)، ونعيد ترخيص المعبر الحدودي الوحيد الذي لا يزال مفتوحاً (معبر باب الهوى مع تركيا)”. وتابع: “يجب ضمان حصول السوريين على المساعدات التي يحتاجون إليها”
هكذا حضر الملف السوري من الوجهة الأمريكية أنهم يردون المزيد من المعابر في انتهاك فظ للسيادة السورية وإيصال ما يسمونه مساعدات إلى جماعاتهم، ولا بأس أن تكون هذه “المساعدات” معدات عسكرية ولوجستية وسرقة المزيد من الثروات، من دون أدنى إشارة إلى تأثير العقوبات الأمريكية الظالمة وغير الشرعية والحصار.
إن المقاربة الأمريكية لموضوع المعابر، غير مقبولة، فإذا كانت واشنطن “تتألم” لحال السوريين في بعض المناطق، وهم بلا أدنى شك يعانون، لكن لا يجب أن تكون معاناتهم موضوعاً “بازارياً” وابتزازاً على حساب السيادة الوطنية.
وتالياً الشعب السوري برمته يعاني جراء حصار واشنطن والغرب وعقوباتهما، هذه العقوبات التي فرضت بغير وجه حق وتشكل عقاباً جماعياً للشعب السوري.
إذا كانت واشنطن صادقة في إحساسها بالمعاناة، وتعمل لفتح معابر تخفف من ذلك فلترفع سيف العقوبات عن سورية وتسمح بوصول المساعدات والمواد الضرورية للشعب السوري والتي تتعلق بحياته اليومية..