كي لا تهتز مكانته ..!
يوماً بعد آخر يثبت بعض المعلمين أنهم لا يستحقون وصف الشاعر أحمد شوقي لهم:
قُم لِلمُعَلِّمِ وَفِّهِ التَبجيلا كادَ المُعَلِّمُ أَن يَكونَ رَسولا
بل لا يستحق بعضهم أن يدخل مدرسة ولا حتى أن يكون تلميذاً ضمن مدرسة للتعليم الإبتدائي.
قد يكون التراخي غير المبرر من قبل بعض المعلمين أثناء شرح الدروس أمراً يمكن تداركه من قبل الأهل عبر الدروس الخصوصية ودورات التقوية لعدة مواد دراسية, أما أن يقوم بعض المعلمين بمشاركة طلاب في عمليات الغش الامتحانية ومساعدتهم على كسب درجات إضافية في شهادات التعليم الأساسي والثانوية العامة بلا تعب ولا معرفة فهذا جرم لا يمكن غفرانه، لأنه ربما إذا ما أتيح لهم المجال الكافي سوف يمكّنون هؤلاء الطلاب الكسالى من جمع علامات تؤهلهم دخول كليات الطب والصيدلة والحقوق والإعلام …إلخ, وهم لا يعرفون حل مسألة رياضيات من الدرجة الأولى أو إعراب جملة مؤلفة من كان وأخواتها.
تصوّر عزيزي القارئ ما هو مصير صحتك وأنت في غرفة عمليات؛ الجراح الوحيد فيها «طبيب» حصل على شهاداته التعليمية بالغش ويمسك بمبضع لاستئصال مرارتك أو زائدتك الدودية الملتهبة؛ أو «محامٍ» من نمرته وكّلته للدفاع عنك في إحدى القضايا أو…إلخ، بالطبع لن تكون راضياً عن النتائج التي ستحصل عليها من وراء عمل طبيب أو محامٍ كهذا، هذا إذا بقي لديك يوم واحد من عمرك تندم فيه على ما فاتك.
ببساطة يمكن القول: إنّ الكثير من الأخطاء والارتكابات التي يرتكبها صناع السلع المغشوشة وتجار المنتجات الفاسدة قد تبدو أقل سوءاً من أفعال المعلمين الغشاشين ومع ذلك عقوباتهم أدنى بكثير من عقوبة مَنْ يتاجر بالمواد المدعومة، فلماذا كل هذا التهاون مع معلم يدرك إلى أين تؤدي فعلته؟.
وهل يعقل أن نعاقب من غش أو شرع بغش شيء من أغذية الإنسان أو الحيوان بالحبس سنة على الأقل وبغرامة مقدارها خمسة ملايين ليرة، فيما نكتفي بكف يد معلم «مربي أجيال» قام بفعل أفظع بكثير من المتاجرة بمادة غذائية مغشوشة..؟
قد أكون متشدداً في تساؤلي.. فقط لأنني لا أريد أن تهتز مكانة المعلم التي حفرتها في قلبي وعقلي طوال السنوات الماضية طبقاً للمقولة الشائعة «من علّمني حرفاً صرت له عبداً».