تستهويني دائماً الأعمال اليدوية في كل شيء، أحب زركشات طبق القش القديم، الذي بات في كثير من الأحيان قطعة زينة للجدران، وأتمنى لو أستطيع أن أفرش منزلي بالسجاد المصنوع على النول، بتصاويره البديعة، وتشابكات ألوانه المبهجة، وحنِّيته الفائقة، ولاسيما أنه يُذكِّرني بجَدِّي لوالدتي الذي كان شيخ كاره في حماة، وتُعجبني كثيراً فكرة الزجاج المُعشَّق، الذي يُلاعب نور الشمس، ويمنح الغرف مناخاً ضوئياً جميلاً، ومن المفروشات تغريني كَنَبَات وكراسي القصب، لدرجة تشعرني أنني أجلس على بوحِ ناياتٍ مؤجَّلة، وبالنسبة للمنسوجات ما زالت الأحب إلى قلبي كنزات الصوف التي كانت خالتي تنسجها في كل أعياد ميلادي إلى أن نالها التعب، وتعجبني كنزات القطن الرهيف التي طُبِعَت عليها كلمات بالحروف العربية، أو إحدى رسومات فنانينا السوريين، كما أعشق الأقمشة الدمشقية التراثية، وأتمنى لو كان باستطاعتي استثمارها في بيتي ولباس عائلتي، وأيضاً هناك الجلديات التي أعدّها من معشوقاتي التي تصنع منها الحقائب والأحذية وأغلفة الدفاتر وبعض «إكسسوارات» طاولة الكتابة وعلّاقة المفاتيح وغير ذلك، بحيث أشعر بلطافتها ومرونتها وجودة صنعها، وتغريني كثيراً فكرة الشرب والأكل بالأواني الفخارية المجبولة من تراب بلادي وحنان يديّ صانعها وطول أناته، وكأنه يُعاملها كدراويش في حضرة انوجادها الصوفي، حتى التَّنقُّلات أحبذها بالطرق القديمة بواسطة العربات والخيول، وللدراجات الهوائية أيضاً حضورها في قلبي، بحيث أرغب بكل وجداني أن أعود إلى ما قبل الصناعات الثقيلة، والمكننة، والتصنيع السريع الفائض عن الحاجة، وتعقيدات السوق، واستعمارات الموضة، والوجبات السريعة، فما أبتغيه هو أن أعيش على مهل، وأن أشرد بكل ما حولي من جَمَالٍ خُلِق على مهل هو الآخر، وبكامل الإتقان والمحبة.